لكن هذا المقر القديم الزاخر بالتاريخ والذي شهد حقباً لافتةً سبقت الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) وامتدت إلى ما بعد هذه الحرب، استفاق من غفوته القسرية في شهر آب من العام 1998 على يدي رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري ليستعيد مع بيروت العريقة وجوه الرفعة والعزّ، وليحفظ في ذاكرته المتجددة أحداثاً مضيئة على مر السنين المقبلة.
بنفس العزم والتصميم اللذين واجه بهما الرئيس رفيق الحريري صعوبات إعادة إعمار وسط بيروت اتجه لتأهيل السراي الكبير وإعادته إلى سابق عهده، قيمة تاريخية وسياسية وإدارية لبيروت خاصة ولبنان عامة، من خلال خطة عمل طموحة لم تهدف إلى ترميم المبنى من الناحية الفنية وحسب، بل هدفت للوصول بالمبنى إلى النموذج المعماري الذي تلتقي فيه الوظيفة الحديثة للإدارة بالطابع التاريخي والتراثي المميز وإضافة التقنيات اللازمة التي تؤهل الإدارات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء أن تعمل وفق النظم والمعايير العصرية.
ولتحقيق هذا الهدف الكبير قدّم الرئيس رفيق الحريري إسهاماً شخصياً أُضيف إلى موازنة المشروع الذي سمي رسمياً "تأهيل مبنى السراي الكبير" بعدما قبلت الحكومة اللبنانية بتاريخ 18-8-1993 الهبة المقدمة أيضاً من شركة "أوجيه لبنان" للقيام بالدراسات والإشراف على التنفيذ.