الحكومة رقم 26
حكومة الرئيس سامي الصلح
ألحكومة الحادية عشرة في عهد الرئيس كميل شمعون
كلف الرئيس سامي الصلح بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 17053 تاريخ 18-8-1957
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 17054 تاريخ 18-8-1957
نالت الحكومة 38 صوتا ضد 17 صوتاوامتناع 1
استقالت الحكومة بتاريخ 14-3-1958
وتألفت من
وقد جرت عليها التعديلات التالية:
البيان الوزاري
حضرات النواب المحترمين
نجتمع اليوم اثراستفتاء عام أولاكم مسؤولية تمثيل الشعب، وحق التشريع باسمه، والسهر على مقدراته ومصالحه. وان الحكومة الجديدة المنبثقة من مجلسكم الكريم تجابه وضعا عاما تسوده قضايا خطيرة في الحقلين الخارجي والداخلي. ففي الحقل الخارجي تجد الحكومة نفسها امام مشكلات دولية عديدة بعيدة المدى بالنسبة لمغزاها العميق وتأثيرها في أوضاع الشرق الادنى وكيان دولة جميعا. وفي الحقل الداخلي نجابه مشكلات هامة في شتى نشاطات الدولية، منها ما هو حقيقي اصيل ومنها ما انعكاس للاوضاع السياسية المضكربة في الشرق الادنى والعالم.
ان الحكومة تعي هذه المشكلات وعيا مسؤولا وقد كونت نفسها ووضعت بيانها على هذا الاساس. وهي تتقدم اليوم بطلب ثقتكم الغالية راجية اليكم مناقشة كل ما تضمنه هذا البيان بمثل ما التزمت به من صراحة ومسؤولية.
ان السياسة الخارجية التي تعتزم الحكومة انتهاجها هي في جوهرها امتداد وتثبيت وتكملة للسياسة الخارجية التي رسمتها الحكومة السابقة واعلنتها في بيانيها بتاريخ 27 تشرين الثاني 1956 و 4 نيسان 1957 وسبب امتداد هذه السياسة ان الشعب اللبناني ذاته، في الاستفتاء الذي جرى شهر حزيران الماضي، عبر عن تبنيه لها بالذات وعن ايمانه بصوابها فاصبح من واجب الحكومة المنبثقة من مجلسكم الكريم - وهو ثمرة هذا الاستفتاء الشعبي - ان تبقى أمينة السياسة وان تستمر في تنفيذها.
تحدد هذه السياسة بأنها في جوهرها لبنانية استقلالية. ولذلك فهي تستجيب لارادة الشعب اللبناني وحده فليس لبنان تابعا لاحد ولا هو مدين بوجوده لاحد يرسم سياسته قبل كل شيء بدافع مصلحته وعلى هدى عقله، ثم يقترب من غيره ويتشاور معه ويناقشه بمحبة وانفتاح وتقبل.
يعي لبنان وعيا تاما انه جزء لا يتجزأ من العالم العربي. يرتبط مع اخواته الدول الاعضاء في جامعة الدول العربية بمواثيق والتزامات يحرص على تنفيذها بامانة لخير العرب جميعا .
ولبنان يعتقد بأن التقارب العربي لا يتحقق الا بطول الاناة وبالتفاهم والاحترام المتبادلين. لذلك فاننا نعتزم المضي في سياسة عربية ايجابية تقوم على المحبة الخلاقة والتعاون الحر.
لبنان منفتح على العالم كله، متفاعل معه ومع حضاراته المختلفة، يلتقى فيه الشرق والغرب في جو من الاحترام المتبادل.
في تكوين اتجاهه الاساسي او في اكتشاف هذه الاتجاه لا يستطيع لبنان لحظة واحدة ان يسقط من حسابه نصفه المغترب. هولاء الابناء الاعزاء المنتشرون في جميع انحاء المعمورة يشكلون دعامة كبرى من دعائم استقلالنا. ولن ينسى لبنان ابدا مؤازرتهم له.
نرتبط بمواثيق دولية ثلاثة لا غير: شرعة الامم المتحدة، ميثاق جامعة الدول العربية، معاهدة الدفاع المشترك والضمان الجماعي وسنبقى أوفياء لهذه المواثيق متمسكين بما تولينا اياه من حقوق وبما تفرض علينا من التزامات.
وسنظل ايضا اوفياء للعهود التي قطعناها مع بعض الدول العربية الشقيقة، والتي تضمنتها البلاغات المشتركة الصادرة عنا وعن المملكة العربية السعودية والسودان وتونس.
وبالاضافة الى ذلك وفق كل ذلك لن يغرب عن بالنا لحظة واحدة ان هنالك ميثاقين غير مكتوبين، ولكنهما مقدسان، نستمد منهما قوتنا ونجنا، وهما الميثاق الوطني الذي ترتكز عليه الوحدة اللبنانية، وميثاق الوفاء لرسالتنا العربية الذي يفرضه علينا كوننا جزءا لا يتجزأ من العالم العربي.
يتخبط عالمنا العربي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في سلسلة من الازمات تشتد وتتعقد يوما بعد يوم. وقد أصبحت الجامعة العربية التي أنشئت للتوفيق والتنسيق جسما متفكك الاوصال. وتضاعفت الخلافات بين البلدان العربية الشقيقة، حتى ان بعضها اصبح مع الاسف الشديد في حرب اذاعية ودعائية ضد البعض الاخر. ومما زاد المشاكل خطورة ان الحرب الباردة الناشئة في العالم أخذت تنعكس على العلاقات القائمة بين الدول العربية وتؤثر فيها ازاء هذا الوضع المؤلم، ترى الحكومة من واجبها تجاه لبنان وتجاه البلدان العربية باجمعها ان تبذل اقصى ما تستطيع ضمن حدود الامكانات اللبنانية - ونحن نعرف حدودنا جيدا ونلزمها بتواضيع - من اجل الاسهام في تحسين العلاقات بين البلدان العربية الشقيقة لتحقيق تعاون مخلص متين، واعادة النظر في أوضاع الجامعة العربية وأجهزتها لاعداد نظام جديد لها يكون اكثر انطباقا على الواقع العربي وأوفر حظا بتأمين التفاهم والتعاون في المستقبل .
واننا واثقون من ان الدول العربية التي فازت حديثا باستقلالها، وهي السودان وليبيا، وتونس، ومراكش، مدعوة للقيام بمهمة اساسية في هذا السبيل فالنظر العربية الافريقية المغربية تكمل وتقوم النظرة العربية الاسيوية المشرقية.
وما ان استقلت هذه الشعوب العربية الافريقية الشقيقة حتى فتحت حكوماتها لابنائنا مجالا جديدا رحبا للتعاون المثمر، وستعمل الحكومة بعزم وثقة على تشجيع هذا التعاون وتعزيزه، وخاصة في حقلي الاقتصاد والفكر.
وستولي الحكومة القضايا العربية المعروضة على النطاق الدولي العام أقصى الانتباه والعناية. فقضية فلسطين هي أهم قضايانا الخارجية على الانطلاق. وهدفنا الرئيسي فيها ان نحافظ على حقوق العرب المقدسة، والا نأخذ بالامر الواقع ولا نعترف به ولا نذعن للضغط والقوة، لذلك لن يدور في خلد أحد منا انيفكر بعقد الصلح مع اسرائيل، بل سنستمر في عناد تام بمناهضة المغتصبين حتى ينال العرب حقوقهم كاملة غير منقوصة في فلسطين كما اننا سندرس بعناية تامة امر الاموال العربية المجمدة.
لا يستقر الحال في الشرق العربي حتى يستقيم الامر بين سوريا ولبنان. نحن وسوريا اخوان بأعمق معاني الاخوة، فيجب ان نتفق على كل شيء ونتعاون في كل شيء ولا يقع تطور في سوريا الا ويحدث اثرا ساسيا مباشرا في لبنان لذلك نتابع التطورات الجارية في سوريا الشقيقة بعناية فائقة مادين يدنا لاخواننا السوريين بكل محبة مؤكدين استعدادنا الصادق لكل تفاهم يخدم مصلحة البلدين.
تساند الحكومة بحزم وايمان قضية الجزائر على اساس الاعتراف بحقها في تقرير مصيرها وتؤيد القضايا العربية القائمة في شبه الجزيرة العربية على اساس حق العرب الطبيعي في الحرية والاستقلال.
نعتزم الابقاء على علاقاتنا الودية مع جميع الدول الصديقة دونما تمييز بينها، وسنسهر بتيقظ كي لا تقودنا اية علاقة مع اي دولة الى اي انتقاص من سيادتنا وحريتنا او الى اي مداخلة أجنبية في شؤوننا .
يقوم التعاون بيننا وبين الولايات المتحدة الاميركية على البيان اللبناني الاميركي المشترك الصادر في 16 آذار 1957 هذا التعاون هو تطور طبيعي لما سبقه في السنوات الماضية من تعاون بيننا وبين أميركا. ولا يوجد ان تفسير او تأويل لهذا البيان المشترك غير التفسير الرسمي الوارد في بيان المشترك غير التفسير الرسمي الوارد في بيان الحكومة اللبنانية امام المجلس النيابي في 4 نيسان 1957 وفي الايضاحات التي ادلي بها وزير الخارجية في اختتام المناقشة التي دارت حول ذاك البيان. والحكومة عازمة على ان تمضي في هذا التعاون كما انها مصممة على البقاء الى جانب العالم الحر.
تعلن الحكومة ان لبنان غير مرتبط مع اي دولة باي اتفاقيات سرية او بأي اتفاقيات سرية او باي احلاف عسكرية وانه لم يعط اي مركز ممتاز او اي قاعدة عسكرية لاحد. ان تعاوننا مع الولايات المتحدة الاميركية على اساس البيان الاميركي المشترك الصادر بتاريخ 16 آذار 1957 لا يمس استقلالنا وسيادتنا بشيء على الاطلاق.
بسبب هذه السياسة الخارجية التي اعتمدتها الحكومة السابقة والتي ستتابعها الحكومة الحاضرة، نؤكد امام هذا المجلس الموقر ان مركز لبنان الدولي لم يكن يوما اقوى وامنع منه اليوم، وان لبنان لم يتمتع يوما بمثل ما يتمتع به في الوقت الحاضر من احترام الدول وثقتها .
اما في الحقل الداخلي فاول ما تعنى به الحكومة عناية فائقة وتوليه المزيد من الاهتمام رفع شان القضاء وتدعميم استقلاله واشاعة العدالة الحقة والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ليكون كل منهم امينا على حقه يناله كاملا غير منقوص دون التوسل اليه بالشفاعات والوساطات .
وسيكون رائد الحكومة وهدفها الاول المحافظة على الامن وقطع دابر الشقاوة وحماية الارواح والممتلكات وفرض هيبة القانون وتقديس حرمته لما لهذه الحرمة من تأثير عميق في حياه الدولة والمجتمع، وفي سبيل ذلك ستجهد في تعزيز قوى الامن وزيادة ملاكاتها وتقوية اجهزتها لتجعل منها سياجا للاستقرار والنظام ومبعثا للطمأنينة التامة .
وستقوم الحكومة بتنظيم الجهاز الاداري تنظيما عاما شاملا وبفرض رقابة شديدة مستمرة على مختلف الدوائر والادارات للحيلولة دون الاهمال والحمل كل موظف على تسهيل وتعجيل المعاملات الموكولة اليه وعلى القيام بواجبه على الوجه الاكمل دون التأثر بأي عامل ما شخصيا كان ام حزبيا. فالحكومة للجميع على السواء وسياستها الراهنة : لا حزبية ولا انتقام .
فأما الجيش، فان الحكومة تحرص كل الحرص على تعزيزه باطراد وعلى تزويده بأحدث الاجهزة والمعدات وفقا للبرامج المعدة له .
لسنا نكثر من الوعود المعسولة التي قد لا يتسع المجال ولا تتوافر الامكانات الكافية للوفاء بها. لكننا - وهدفنا الاوحد خدمة لبنان - سنحقق مختلف المشاريع الانشائية والعمرانية والمنتجة التي تؤمن العمل لسائر ارباب المهن وتؤدي بالتالي الى زيادة الدخل الوطني والى ازدهار اقتصاديات البلاد والى ترويج السياحة والاصطياف في بلد هو في الواقع ملتقى الطرق بين الشرق والغرب ومحجة لطلاب الراحة والاستجمام .
أجل ستحقق الحكومة هذه المشاريع الحيوية بالافضلية وضمن حدود الاعتمادات التي ارصدت او ستطلب لها.
وستكون في طليعة الاجراءات التي نعتمد اتخاذها قضية ايجاد اسواق للمنتجات الزراعية التي باتت محاصيلها الوفيرة تفوق حاجة الاستهلاك المحلي وبات من الضروري فتح اسواق جديدة لها وتوفير وسائر نقل مجهزة بوسائل حديثة تؤمن نقل هذه المحاصيل الى اسواقها الطبيعية حتى لا تذهب جهود المزارع اللبناني ضحية الكساد وتدني الاسعار .
وفي سبيل بلوغ هذه الاهداف الرئيسية ستنفذ الحكومة كل ما يسعها تنفيذه في سائر حقول نشاطها .
ففي الحقل المالي كان بود الحكومة ان تتولى اعداد مشروع الموازنة للعام المقبل بالاساليب العلمية الحديثة لتتعدى بالموازنة مادة الرقم الحسابي الى مفهومها الحقيقي كمنهاج سياسي للهيئة الحاكمة. اما وقد وجدت نفسها امام عناصر مشروع تكاد تكون مكتملة فاها سوف تعمد الى عصر النفقات غير المجدية وتعزيز ما كان منها ذا صفة انمائية انتاجية مراعاة منها لمدى التطور الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، آملة ان لا يحول ذلك دون تقديم المشروع في الموعد الدستوري.
واذا كانت الموازنات السابقة قد اسفرت عن تكوين مال احتياطي ساعد على تمويل المشاريع الانشائية القائمة، فالحكومة، وقد تعددت المشاريع الممولة حتى الان، ستكون يقظة في انفاق مال الاحتياط، فلا تبذل منه الا بقدر ما تتوخاه من فائدة الانتاج لانها تعتبر ان الاسراف من شأنه ان يعرقل سير تلك المشاريع او ان يؤول الى ارهاق المكلفين بالاضرائب.
واما الضرائب فسوف تعنى الحكومة بدرس شرائعها النافذة درسا عمليا واقعيا على يد لجنة من الاخصائيين، بقصد اصلاحها وتعديلايلها على وجه يضمن العدالة في التكليف والوفرة في الحاصلات .
وتواجه الحكومة ايضا الاتفاق النقدي اللبناني - الفرنسي الذي ينتهي اجله في 15 شباط 1959 .فالمادة 22 من هذا الاتفاق تنص على وجوب اجراء مشاورات بين الفريقين المتعاقدين تسبق حلول اجله بسنة واحدة لاقرار تمديده مرة جديدة او تعديله .
ولما كان ثبات النقد هو من اولى دعائم المالية العامة والاقتصاد، فان الحكومة ستعير هذه القضية اهتماما خاصا فتدخل في مباحثات مع الجانب الفرنسي بغية الوصول الى حلول تضمن استمرار هذه الثبات، من جهة، وتحدد، من جهة ثانية، على اسس جديدة، علاقاتنا بالشركات الفرنسية الموظفة اموالها في لبنان بشكل يتفق والوضع الحالي.
هذا مع العلم ان معظم احكام الاتفاق لم تعد بذات موضوع بعد ان انتهى مفعولها.
ومن الناحيتين الاقتصادية والزراعية ستعنى الحكومة بتشجيع الحركة الانتاجية في البلاد وتوجيهها والاستمرار في حماية الصناعة والنهوض بمستواها لتمكينها من التغلب على المزاحمة الاجنبية ولجعل انتاجها من الاتقان بحيث يمكن تصريفه في الاسواق الخارجية .
وستعيد النظر في التنظيم الحالي لمجلس التصميم والانماء بغية جعله اكثر فعالية للقيام بالاعمال الموكولة اليه والتي تنتظر البلاد تحقيقها. كما انها ستعير مشروع التصميم الشامل الذي وضعه مجلس الصميم والانماء الاهمية الواجبة .
وثمة قضية العائدات البترولية التي طال بشأنها مجال الاخذ والرد. فقد وضعت الحكومة هذه القضية في رأس الاعمال التي تعالجها وهي تأمل ان تنهيها على الوجه الاجدى والافضل وفي اقرب ما يمكن من الوقت .
كما ان لدى وزارة الزراعة مشاريع زراعية هامة تبذل جهدها لتحقيقها بغية النهوض بالانتاج الزراعي في شتى نواحيه .
وستعتمد الحكومة سياسة قمح وطنية تهدف الى تنمية المحصول عن طريق تحسين البذار وطرق الانتاج والى تثبيت الاسعار بالنسبة للمنتج والمستهلك. وفي سبيل ذلك ستعيد تنظيم مكتب القمح وتجهيزه بوسائل الخزن الفنية الحديثة لتمكينه من تنفيذ هذه السياسة.
وفيما يتعلق بالشؤون الاجتماعية ستقوم الحكومة بتنسيق مختلف مناهجها وتوحيدها ضمن تصميم شامل لسياسة اجتماعية واضحة الغايات والمعالم. وسيكون مشروع المساكن الشعبية الذي تستكمل الحكومة دراساته وتصاميمه في مقدمة ما تحقق لمساعدة الفئات المحدودة الدخل ولتوفير اسباب الراحة لها. وستبني الحكومة في السنة الاولى وفي مختلف المناطق اللبنانية ألفا ومايتي مسكن شعبي كخطوة اولى لعمل نموذجي يتتابع العمل على غراره.
وفي سبيل تأمين العلاج والاستشفاء لمختلف الطبقات المحتاجة ستباشر الحكومة انشاء مستشفيات حديثة في المناطق المفتقرة اليها وستعمل على انجاز المستشفيات التي بوشر بناؤها وعلى اكمال تجهيز ما يجهز منها بعد.
وستقوم وزارة الصحة العامة باستكمال دراسة شبكة مجارير لجميع الاقضية، كما ستعمل بالتعاون ووزارة الشؤون الاجتماعية على تنفيذ مشروع الضمان الصحي الاجتماعي.
وفيما يتعلق بالبريد والبرق والهاتف فاننا سنعمد الى احداث مكاتب جديدة للبريد والبرق في العاصمة والملحقات، والى تنظيم توزيع البريد بواسطة الاليات وفقا لاحدث الاساليب .
كما اننا سنعمم استعمال الالات الكاتبة المبرقة (تلبرنتر) في جميع انحاء لبنان تعجيلا وتسهيلا لمصالح الجمهور. وسنباشر تنفيذ مشروع صندوق التوفير الوطني فور الانتهاء من بعض التدابير الادارية اللازمة، ونأمل ان نفيد قريبا من هذا المشروع لبناء دور نموذجية للبريد والبرق في مختلف الجهات.
وستحقق الحكومة مشروع تمديد شبكة الهاتف الالي الى المراكز القائمة في مختلف المناطق بغية ضبط وتسهيل مخابراتها مع العاصمة ومع بعضها بعضا، وكذلك مشروع تعميم الهاتف اليدوي على القرى التي لا تزال محرومة منه.
اما في حقل الاشغال العامة والمواصلات، فبالاضافة الى المشاريع الضخمة التي تم تنفيذها حتى الان والتي هي ظاهرة للعيان ومدعاة للفخر والاعتزاز، سواء أكان لجهة توسيع وتحسين شبكات الطرق الدولية الرئيسية اوالثانوية وتأمين مياه الري والشفة لمعظم المناطق الزراعية والمناطق الاهلة بالسكان والتي يطرد فيها التقدم والعمران، ام لجهة تمديد اسلاك الكهرباء الى كل بلدة وقرية وخاصة في المراكز المعدة للاصطياف فان الوزارة ذات الشأن دائبة على تحقيق المشاريع العمرانية التي يتطلبها ازدهار لبنان وعلى انجاز باقي المشاريع الكبرى للمواصلات والمياه الكهرباء.
والبرامج الموضوعة الان قيد الدرس ستتناول جميع مرافق النهضة العمرانية وسيصير تنفيذها على مراحل ترافق نمو البلاد.
ومن شأن هذا التنسيق ان يجعل الافادة من الانشاءات العامة الرئيسية ممكنة فور تحقيقها دون اية مهلة.
وستقوم وزارة الاشغال العامة بوضع انظمة جديدة لتنفيذ برامج الاعمال تضمن دقة الدروس وانطباقها على احدث وسائل الفن كما تضمن سرعة التنفيذ واتقانه وتمشيه مع التوقيت المصمم حسما للمراجعات التي تنتج عن التأخير بانجاز الاعمال وستعتمد الى اقصى حد على استعمال الاليات طلبا للوفر في المال والوقت .
وسيكون موضع اهتمام خاص انشاء ابنية تتسع لدوائر كل وزارة، وتشيد وفقا لتصميم مدروس يتفق مع انضباط وتسلسل وسرعة اعمال كل دائرة.
وستمضي الحكومة في تعزيز النهج العام للتربية والتعليم وفي حسن اختيار المعلم، وستعالج وزارة التربية في هذه المرحلة تذليل العقبات التي حالت في السابق دون مجانية التعليم الابتدائي لتحقيق هذا المشروع الهام، وستهتم بتعزيز التعليم الثانوي بغية ايجاد تعاون ايجابي بينها وبين المؤسسات الخاصة في مختلف الحقول، كما انها ستعنى بالتعليم المهني وتوليه الاهتمام الذي يفرضه التطور الحضاري، وستوسع نطاق اعمال الانشاءات المدرسية والرياضية بما في ذلك انشاء دار للمعلمين ريفية .
اما في التعليم العالي فستخص الجامعة اللبنانية بكل عناية وتنشىء ما تحتاج اليه من معاهد جديدة وفي طليعتها معهد الصحافة الذي تطلبه نقابتها، ومعهد العلوم الاجتماعية الذي سيكون الاول من نوعه في الشرق الادنى .
وفي جملة المشاريع الهامة التي حققت الحكومة السابقة مراحلها الاولى مشروع انشاء محطة اذاعة كبرى جرى تلزيمها وينتظر ان تكون جاهزة في نهاية عامين بحيث تصبح اداة الاتصال شطر لبنان المقيم بشطره المغترب ولتأدية رسالته الفكرية في العالم على اكمل وجه.
ولذلك فان الحكومة تتدبر منذ الان اعداد تنظيم هذه المحطة الكبرى وايفاد بعثات الى الخارج للتخصص بمختلف الشؤون الاذاعية الفنية مجاراة للتطور الاذاعي الحديث وتحقيقا للغاية المتوخاة من انشائها .
اما بشأن قانون المطبوعات فستقدم الحكومة الى مجلسكم الكريم مشروع قانون يتضمن تعديلاته هي الان قيد البحث مع ممثلي الصحافة والغاية منها رفع مستوى المهنة وتحديد مسؤولياتها .
اما فيما يتعلق بشؤون التعمير، فان المصلحة التي انشأت بعد زلزال شهر اذار عام 1956 قامت بترميم الابنية المتصدعة وبانشاء بيوت جديدة وفقا لبرنامج معين حققت منه ما يعادل خمسة وسبعين بالمئة، وستولي الحكومة الحاضرة الاعمال الباقية عناية خاصة بغية انجازها في اقرب وقت ممكن.
هذا وكانت الحكومة السابقة قد قررت تمديد ولاية مجلس ادارة المصلحة حتى نهاية العام الحالي وتصفية اعمالها، فالحكومة الحاضرة التي تعير هذه القضية ما تستحق من الاهتمام ستتقدم قريبا من مجلسكم الكريم بمشروع القانون الذي نصت عليه المادة الثالثة عشرة من قانون 9 نيسان 1956 والذي يحدد شروط اكتساب ملكية العقارات والابنية الجديدة التي انشأتها المصلحة المذكورة كما يحدد شروط الاعفاءات وتسديد السلفات في نطاق المناطق المتضررة بالزلزال والمنصوص عليها في المادة السابعة من قانون 9 نيسان الانف الذكر .
ولن يقل اهتمام حكومتنا بقضايا الفيضان عن اهتمامها بقضايا الزلزال، فهي دائبة في تصفية ما تبقى من قضايا فيضان طرابلس والشمال ومن تعجيل اعمال توسيع وتنظيم مجرى نهر ابو علي .
هذه هي الخطوط العامة للسياسة التي تعتزم الحكومة نهجها في الحقلين الخارجي والداخلي وعلى وضح هذه السياسة تتقدم بطلب ثقتكم الغالية واملنا وطيد باداء مهمتنا على الوجه الاكمل بعون الله عز وجل وبمؤازرة مجلسكم الكريم .