الحكومة رقم 10
حكومة الرئيس حسين العويني
ألحكومة العاشرة في عهد الرئيس بشارة الخوري
كلف الرئيس حسين العويني بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 4241 تاريخ 14 شباط 1951
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 4242 تاريخ 14 شباط 1951
نالت الحكومة الثقة بالاجماع
استقالت الحكومة بتاريخ 7 حزيران 1951
وتألفت من
البيان الوزاري
حضرات النواب المحترمين
يطيب لي ان استهل هذا البيان الوزاري بكلمة شكر مخلصة اوجهها الى زملائي اعضاء الحكومة السابقة الذين رغبوا باستقالتهم في ان يفسحوا المجال لقيام حكومة جديدة تشرف على الانتخابات المقبلة ، فبرهنوا بذلك على وطنية صادقة واخلاص وتجرد .
وإني لأخص بالشكر الصديق العزيز صاحب الدولة السيد رياض الصلح رئيس الحكومة السابقة الذي كان لي شرف التعاون معه في الفترة الاخيرة في عهده بالحكم . فهو الذي كرس حياته للخدمة العامة وجاهد وناضل خارج الحكم وفي الحكم في سبيل الكرامة الوطنية والاستقلال الذي ننعم به اليوم وتوحيد صفوف اللبنانيين فاستحق شكر لبنان .
ايها السادة
ا ان الحكومة التي لي شرف رئاستها لن تكتفي بالاضطلاع بالمهمة الخاصة التي ألقيت على عاتقها في الظروف الحاضرة ، بل ستعنى في هذه الفترة القصيرة من حياة لبنان بجميع الامور الخطيرة التي تجابهما البلاد وستتحمل جميع مسؤولياتها .
ان العالم يجتاز اليوم مرحلة دقيقة قد يتوقف عليها مصير السلام والحضارة ، وعلى كل بلد ، كبيرا كان أم صغيرا ، ان يستعد ويحتاط ليحافظ على مصالحة الحيوية وليؤمن سلامته وسلامة ابنائه .
وسوف نتابع سياستنا التقليدية التي فرضتها وتفرضها المصلحة اللبنانية العليا ، فنعمل مخلصين ضمن منظمة الامم المتحدة التي نأملان تكلل بالنجاح المساعي التي تبذلها لتوطيد السلام في العالم ولتجنيب الانسانية ويلات الخلافات الدولية ومصائبها .
وسنستمر في سياسة الصداقة التي اختطها لبنان لنفسه منذ الساعة الاولى مع جميع الدول المحبة للسلام والراغبة في توفير اسبابه .
وسنكون امناء في التعاون مع الدول العربية الشقيقة ، خصوصا في هذه الآونة الخطيرة في حياة العالم ، ورائدنا ان تكون الجامعة العربية اداة فعالة لتمكين اواصر الاخوة والتضامن بين الدول الاعضاء فيأتي التعاون فيما بينها مثمرا في شتى الحقول والميادين .
وسنولي علاقاتنا مع سوريا العزيزة عناية خاصة واملنا وطيد ان نتمكن من حل جميع القضايا المعلقة على ضوء مصلحة البلدين وفي سبيل خيرهما المشترك .
إن حكومتنا التي تضطلع بمسؤولية الحكم في ظروف عالمية عصيبة ، ترى لزاما عليها ان تعنى عناية خاصة بالشؤون الداخلية الهامة .
اننا سنتعاون مع حضراتكم لانهاء الموازنة المعروضة على مجلسكم في اقرب وقت ممكن ، ولاقرار القوانين المعلقة ومنها قانون الملاكات وقانون الاجور وقانون معلمي المدارس الخاصة وبصورة عامة مشاريع القوانين المحولة الى مجلسكم الكريم . وسنجد لتنفيذ قانون ديوان المحاسبة الذي اقررتموه . فتتحقق الرقابة المنشودة على جميع دوائر ومصالح الدولة.
واهم ما نتطلع اليه هو الاهتمام السريع بالحالة الغذائية في البلد وبالغلاء الذي بدأ يذر قرنيه . إننا لن نكتفي بتوفير جميع اسباب الطمأنينة للشعب وبالاخص للطبقات المعسرة منه ، بل سنتخذ جميع التدابير للحيلولة دون جشع المستغلين ، فلن نسمح بأن تستمر الازمات الدولية ولا الظروف العصيبة ولا الاحداث الطارئة لزيادة الاسعار وارهاق المستهلك . واننا لنأمل ان تتضافر جهود جمييع افراد الشعب في سبيل هذه الغاية المقدسة .
ان البلاد مقبلة بحكم الدستور على انتخابات نيابية عامة سيحدد موعدها فيما بعد . واول واجب على الحكومة هو الاشراف على هذه الانتخابات .
انه لمن الطبيعي ان تثير استشارة الامة في بلد ديمقراطي كلبنان اهتمام اللبنانيين على اختلاف نزعاتهم وميولهم . وانه لمن مظاهر الوعي القومي ان تبلغ الاهتمام اشده لهذه الظاهرة الديمقراطية التي تكرس مبدأ حكم الشعب بواسطة ممثلين يختارهم وفاقا للاحكام الدستورية والقانونية الموضوعة .
ولهذا ترى الحكومة الحاضرة لزاما عليها ان تعلن امام مجلسكم الكريم وامام الامة بأسرها عن الخطة التي تعتزم السير عليها وعن حقيقة نواياها واهدافها بكل امانة واخلاص .
ان الانتخابات المقبلة يجب ان تكون حرة ، وستكون حرة ، هذا هو الوضع الصريح الذي يجب ان يرافق كل استفتاء شعبي .
هذا الوضع كما نفهمه ليس كلاما مجرردا او تأكيدا وهميا . بل نفهمه حقيقة واقعية يشعر بها الجميع ويتمتع بها الجميع دون اي استثناء ، ويقر بها مخلص ومنصف .
وفيما نهدف اليه سنقوم بواجب تنفيذ احكام الدستور والقوانين والمبادئ الديمقراطية الصحيحة التي تنطوي على ضمانات يجب ان توفر بكل امانة واخلاص .
فالضمانة الاولى هي حرية ابداء الرأي وحرية الدعاية الانتخابية التي كفلها الدستور والقوانين الموضوعة .
وانني اغتنم هذه الفرصة لاوجه كلمة مخلصة الى الصحافة اللبنانية التي عليها ان تقوم برسالة وطنية مشرفة . إننا نريد معها ان تكون حرية الصحافة مصانة ونريد ان يكون مجال النقد المباح واسعا فسيحا ، ولكن نريد معها ايضا ان لا تتحول الحرية الى فوضى ، ونريد معها فوق كل هذا ان تصان مصلحة الوطن العليا وسمعة البلد الذي تخدمه الصحافة وتحمل رسالته في الداخل والخارج .
وفي سبيل هذه الغاية اننا نرحب بتعاون صادق مخلص مع ممثلي الرأي والقلم في هذا البلد وسندرس معهم التعديلات المقترح ادخالها على قانون المطبوعات وسائر القوانين . وسنتقدم اليكم بما تفق الكلمة عليه .
والضمانة الثانية هي ان يتمتع كل ناخب بحقه في الانتخاب حسب مشيئته وضميره فيمارس الناخبون حقهم المقدس في الاقتراع بكل حرية وبدون ايي ضغط او تأثير من اي كان .
والضمانة الثالثة ان تتم عمليات الانتخاب بكل امانة ونزاهة .
هذه هي رغبتنا ، لا بل هذا هو واجبنا . وانني لواثق من اني اعبر عن رغبتكم ايضا وعن رغبة جميع اللبنانيين الاحرار .
ان الشرط الاساسي لتوفير هذه الضمانات هو ان يسود النظام وحكم القانون . فكما ان الحكومة مسؤولة عن تأمين الحرية ، فهي كذلك مسؤولة عن تأمين النظام وهي لن تسمح بأي عبث او اخلال به . وهي تعتمد قبل كل شيئ على تفهم اللبنانيين ووطنيتهم وتقديرهم للظروف العصيبة الحاضرة ليتم الاستفتاء المقبل في جو من الهدوء والسكينة والحرية مما يتفق مع سمعة لبنان ومصلحته العليا ورسالته الروحية .
هذه هي سياسة الحكومة التي تتشرف بطلب ثقتكم ، وهذه هي اهدافها.
ان ليس من الانصاف ان يتسرع احد بالحكم مسبقا علينا ، بل نسلم معكم ومع كل مخلص ان من الانصافان يحكم على اعمالنا .
ونحن لهذه التجربة مستعدون اذا ما تشرفنا بثقتكم .
ايها السادة ،
لا بد في ختام هذا البيان من كلمة شخصية لا ارى ندحة عنها .
ارجوكم ان تثقوا ، وارجو كل مخلص ان يثق ، بأن ليس لي ولا لزميلي اي غرض خاص او اي مطمع شخصي اللهم الا ارضاء الله عز وجل وارضاء ضمائرنا وخدمة الوطن .
لقد اخترت شخصيا في هذه المرحلة ان اعتزل السياسة الفعلية طائعا راضيا . فقررت ان لا اتشرف بخوض المعركة الانتخابية المقبلة في بيروت بلدي الحبيب حيث نشأت وترعرعت ، وقبل ان اضطلع بهذه المهمة بعيدا عن كل غرض ، لا أبغي من ورائها مع زميلي سوى القيام بواجبي نحو لبنان العزيز الذي يعتز كل منا بخدمته المجردة وبرسالته السلمية بين الامم الحرة .
لقد شرفني رئيس الجمهورية المعظم بثقته الغالية ، وشرفني بتوجيهاته التي اعلنت عنها فيما سبق ، وهي تعبر عن رغبته الملحة وعزيمته الصريحة . فيتاح للمجلس المقبل ان يجمع صفوف الامة وان يهيئ لوطننا العزيز جمييع اسباب الطمأنينة والعمران والعز والمجد .
واننا لنبتهل الى الله عو وجل ان يوفقنا في مهمتنا معتمدين عليه ثم على الثقة التي نطلب ان تمنحونا إياها .