الحكومة رقم 3
حكومة الرئيس عبد الحميد كرامي
ألحكومة الثالثة في عهد الرئيس بشارة الخوري
كلف الرئيس عبد الحميد كرامي بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 2621 تاريخ 9 كانون الثاني 1945
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 2622 تاريخ 9 كانون الثاني سنة 1945
نالت الحكومة 36 صوتا بالاجماع ؛ تغيب /اعتذر 19
استقالت الحكومة بتاريخ 22 آب 1945
وتألفت من
وقد جرت عليها التعديلات التالية:
البيان الوزاري
ايها السادة
تمثل وزارتنا اليوم امام مجلسكم المحترم وقد غادرنا الى جوار ربه وزير عزيز كريم هو المرحوم سليم تقلا ، اختطفته المنية من بيننا فذرف عليه لبنان دمعة حرة سخية وفقد بفقده ابنا بارا ومعوانا صادقا وجنديا شريفا قضى في ساحة الجهاد والواجب ، رحمة الله عليه .
ان وزارتنا ايها السادة ، تخلف في الحكم وزارة قامت بأعمال وطنية جليلة في طليعتها تعديل الدستور بما يتلاءم مع الاستقلال الصحيح الذي اعترفت به الدول العربية الشقيقة وسائر الدول الديمقراطية الحليفة وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة الاميركية وجمهوريات الاتحاد السوفياتي ، فأصبح لبنان بحدوده الحاضرة مستقلا استقلالا ناجزا كاملا دونما قيد او شرط .
فالوزارة التي سبقتنا وعلى رأسها دولة الوطني الكبير رياض بك الصلح حققت في هذا الحقل اماني الامة بالاستقلال واستحقت كل شكر ، وسيكون رائد حكومتنا المحافظة والحرص على هذا التراث الوطني الغالي وتوطيد اركانه ، وتشييد بنيانه ، الى جانب توثيق اواصر الولاء والتفاهم ومتانة العلائق مع الدول العربية الشقيقة الى ابعد مدى على ضوء محادثات الاسكندرية ، كل ذلك على اساس استقلال لبنان الناجز التام بحدوده الحالية وسيادته الكاملة .
وسيضمن لنا التمثيل الخارجي الذي هو مظهر من مظاهر هذا الاستقلال ، الاتصال الوثيق باللبنانيين المغتربين الذين نعتبرهم شطرا بارا صالحا من ابناء هذا الوطن ودعامة من دعائم استقلاله .
هذا في الحقل الخارجي ، واما في الحقل الداخلي فالادارة اللبنانية مرهقة بعدد من الموظفين يرسو كثيرون منهم عالة على خزانة الدولة ويسبب وجودهم بلبلة وتشويشا ، وهي ناحية في الادارة سوف تعمد حكومتنا الى معالجتها بوضع ملاك نهائي لموظفي الدولة يجدد فيه عددهم بمقتضى حاجات البلاد ، وتراعى فيه الكفاءة وسنوات الخدمة والاخلاص في الترقيات ، فلن تكون ثمة ترقية بغير هذه المؤهلات .
وستحقق حكومتنا مشروع توسيع الصلاحيات لكبار الموظفين لقاء تحمل التبعة والمسؤوليات في اعمالهم فيستغني بذلك اصحاب المصالح عن مراجعة الوزير في كل شأن ويتيسر له في هذا الحال ان يكون اكثر انطلاقا في الاشراف على الادارة وفي توجيهها ومراقبتها والتوسع في خطوطها العامة .
وستعنى الحكومة عناية خاصة بقضية الامن المنوط بها رفاه البلاد وهيبة الحكم فالأمن من سياج الدولة وعلى مقدار استتابه يترتب مستوى الامن من النضج والرقي ، وتعزز مرافقها الحيوية ، فوزارتنا سوف تأخذ بجميع الوسائل والتدابير في هذا السبيل وستعمل على توطيد الامن بكل ما تؤتى حكومة من عزم وحزم وعدل ، فلا يامل احد منها تغاضيا او تساهلا تحت اي عامل او طائل كان ، وهي تنتظر من الامة اللبنانية ان تسعف بذلك جهود الحكومة وان تقدم بتعلقها بالنظام وحرصها على الامن دليلا قاطعا على ما بلغته من وعي ورشد .
وسيكون في مقدمة ما تعتزم وزارتنا معالجته لإصلاح النظام المالي في الدولة ، إنشاء ديوان للمحاسبة يتولى مراقبة وتدقيق الشؤون المالية في جميع حقول الدخل والإنفاق ، فلا ينفق مبلغ في غير الغاية التي ارصد لأجلها في الموازنة ، وتتجنب بقدر المستطاع طلب الاعتمادات الاضافية او نقل الاعتمادات المرصدة في الموازنة من بند الى بند ، وتنشى ء في الوقت نفسه هيئة دائمة للتفتيش مهمتها مراقبة المعاملات في جميع دوائر الدولة وإظهار كل خلل في جهازها المالي والضرب على ايدي المرتكبين .
وستمضي حكومتنا في اتمام ما بوشر به من اصلاح نظام الضرائب على وجه يقيم العدل بين المكلفين غير مهملة الحرص على سلامة الجباية وانتظامها ، لتأمين نفقات الدولة التي تلزم فيها الاقتصاد الى ادنى حد مستطاع ، وغير مهملة بوجه خاص الأخذ بالملاحظات المحقة العادلة التي تستهدف حقا إصلاح نظام الضريبة .
وبديهي في هذا الصدد ان نعرض لقضية التموين ونحن ندرك جميعا اية مشكلة تواجهها البلاد حكومة وشعبا في قضية الغلاء الذي تكاتفت على إيجاده عوامل شتى منها ما هو داخلي بحت ، ومنها ما هو خارجي ذو اتصال وثيق بمقتضيات الحرب وأزمات النقل والانتاج وهي ناحية حساسة يدرك مجلسكم الكريم ان الامر غير منوط فيها بإرادة الحكومة فحسب ، بل تسيره مقتضيات حالة الحرب وتدابير السلطات العسكرية . ومع ذلك فحكومتنا لن تالو جهدا في الترفيه عن الأهلين بمكافحة الغلاء ، وبذل كل ما في مقدورها لمكافحة الصفقات التي تؤثر بها تضحية فائدة الجمهور لصالح الفرد ، ويراد من ورائها الثراء على حساب المستهلك الصغير .
وبهذه المناسبة تشكر حكومتنا الدول الديمقراطية الحليفة على المساعدات الفعالة التي قدمتها وما زالت تقدمها للبلاد في حقل التموين وتؤمل ان تكون هذه المساعدات في المستقبل اوسع نطاقا واعم فائدة متمنية لها وللحق وللحرية على يدها نصرا مبينا في مستقبل قريب .
وستواصل الحكومة الاهتمام بالثقافة والتعليم في منتهى ما يمكنها تحقيقه وتنفيذه وخاصة في المناطق التي لم تتوفر فيها بعد للأحداث وسائل التعليم الاولية .
وستعنى الحكومة عناية خاصة بالصحة العامة واستجلاب الادوية والعقاقير بقدر ما تمكنها الحالة الدولية ، كما ان الزراعة والصناعة ستلقيان مثل هذه العناية نفسها لأنها من موارد البلاد الاساسية ، ولن تقل عن ذلك ايضا عنايتنا بالاصطياف والإشتاء عن طريق الدعاية المثمرة ، وتنشيط المشاريع الرياضية على اختلافها ، وتنظيم الامور الاجتماعية ، وعلى الخصوص علاقة العمال والمستخدمين بأرباب الاعمال وتعيين حقوق وواجبات كل منهم تجاه الاخر بحيث تأمل ان تضع حدا لهذه المشادة القائمة بين الفريقين .
اما القضاء فنزيده عدلا بين الناس كبيرهم وصغيرهم ، لا يحق فيه الا لصاحب الحق ونطلب الى القضاة وقد كفل لهم التنظيم الاخير ضمانات طالما تاقوا اليها ان يقيموا العدل على الوجه الاكمل دون تأثر باي سلطان وأية واسطة على أن يكفل الفتيش الدائم الصارم حسن قيامهم بهذه المهمة الشاقة الدقيقة .
إن الحكومة تهنىء الصحافة على ما نالته من حرية وتأمل ان تكون هذه الحرية حافزا لها لاستعمالها في خدمة البلاد ، وان تكون وجه لبنان الحقيقي ومثلا أعلى للثقافة الصحيحة والاخلاق العالية وان تستعمل الحكومة التعطيل - الإداري الذي ابقاه لها القانون لخنق حرية الرأي بل سلاحا تدرأ به ما يمس المصلحة اللبنانية .
أيها السادة ،
لا تنتظروا منا المعجزات بل العمل بجد ونزاهة وإخلاص ، وقد تعمدنا في بياننا هذا رسم الخطوط الكبرى التي تعتزم حكومتنا عملها في مصلحة هذه البلاد وهذه الامة . وأن وجه لبنان الجديد يدعونا الى استيعاب جميع الامور بصدر رحب وتفهم الواجب الوطني حيال جميع اللبنانيين المقيمين والمنتشرين في أنحاء المعمور .
لست بالرجل الحزبي ولا يمكنني ان اكون ذلك الرجل ، أنا رجل لبلادي لبنان المستقل في حدوده الحالية والمغتبط بالتعاون الى اقصى حد مع الدول العربية الشقيقة التي ترى كما نرى ان في مصلحتها ومصلحتنا جميعا ان يكون لبنان مستقلا استقلالا تاما .
وإن الحكومة اللبنانية التي لي شرف رئاستها والتي تطلب ثقتكم بعد الثقة التي شرفني بها وزملائي فخامة رئيس البلاد ، تدين بمبادىء وطيدة لا تتزعزع ، صيانة الاستقلال حيال جميع المحاولات أيا كان مصدرها اذ لم يبق من يستطيع أن يجادلنا في قضية اصبحت في نظر العالم ونظرنا فوق كل جدال والعمل على تنظيم أمورنا الداخلية على وجه تضمن فيه جميع الحقوق على السواء .
فإذا اولانا مجلسكم ثقته كانت هذه الثقة خير معوان لنا في تنفيذ حسن القصد وقابلنا تلك الثقة بخالص الشكر وصادق العهد وإذا لم يولنا هذه الثقة امحضناه خالص الشكر وعدنا الى صفوف زملائنا في النيابة جنودا مخلصين وأفسحنا لسوانا مجال شرف خدمة هذه الامة فهي رائدنا ورائدكم جميعا .