الحكومة رقم 51
حكومة الرئيس رشيد كرامي
ألحكومة السابعة في عهد الرئيس سليمان فرنجية
كلف الرئيس رشيد كرامي بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 10502 تاريخ 1-7-1975
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 10503 تاريخ 1-7-1975
نالت الحكومة 80 صوتا بالاجماع
استقالت الحكومة بتاريخ 9-12-1976
وتألفت من
وقد جرت عليها التعديلات التالية:
و:
البيان الوزاري
دولة الرئيس ،
حضرة النواب المحترمين ،
الحمد لله الذي اعاننا على امرنا ، فيسر من جهود المخلصين من ابناء هذه البلاد الطيبة والمقيمين في رحابها واخوان لنا كرام ما ازال الغمة ورفع عن كواهلنا وصدورنا ثقل المحنة القاسية التي انتابت هذا الوطن الحبيب ، القائم قبل كل شيء على المحبة والثقة والسلام .
ولقد انبثقت حكومتنا من رغبة اجماعية في لجم الفتنة فوراً ، ثم ضبط الامن من مختلف الجوانب وتأمين الناس على حياتهم وممتلكاتهم وموارد رزقهم ، ثم العمل العاجل على اعادة دولاب الحياة الى دورته الطبيعية في كل المرافق . ولتحقيق هذه الغايات الاولية والاساسية بذلنا كل جهد ممكن فتحققت الى حد بعيد بفضل تجاوب جميع الواطنين ووعيهم .
وتعتقد صادقين ان واجب المصارحة يقتضينا ، كما تقتضي المسؤولية الحكومية ، اجراء تحقيق عادل ونزيه ، بعيدا عن كل الاعتبارات والمؤثرات ، لجلاء حقائق الاحداث وبيان اسبابها وتحديد اتبعات في كل مراحلها .
هذا ، ولا يجوز لنا كذلك ان نتغاضى عما سبته الاحداث من آلام واضرار لفريق من المواطنين ، كان اكثرهم ضحايا بريئة ، نخص بالذكر منهم اولئك الذين من الواجب مساعدتهم بقدر المستطاع لان احوالهم الاجتماعية والمعيشية لا تمكنهم من تحمل النكبة .
غير ان الاضرار التي لحقت بلبنان لم تقتصر على الاقراد ، بل تجاوزتهم الى الوضع الاقتصادي العام ، مما يرض على الحكومة - في اطار الوقت المتوار لها - ان تبادر الى ايجاد علاجات سريعة تعيد الى لبنان حيويته ، في كل قطاعاته التجارية والصناعية والزراعية والحرفية ، فضلا عن التعجيل في تنفيذ بعض المشاريع المهمة كتوسيع المرفأ وحل ازمته الحاضرة ، وتطوي المطار ، وتعزيز المراق السياحية فورا على امل ان يتجاوب مع ندائنا اخةاننا واصدقاؤنا ومغتربونا في العالم كله الذين عرفوا لبنان بلد الضيافة والالفة والجمال ، وتعودوا التمتع بما حبتنا اياه الطبيعة ، جبلا وشاطئا .
ايها السادة
لعل الازمة الدابرة تحفزنا جميعا على تأكيد بعض الحقائق التي يفضها علينا واقعنا والتزاماتنا وتطور احوال الدنيا عندنا ومن حولنا .
الحقيقة الاولى التي يجب التنويه بها هي ان الشعب اللبناني بمختلف فئاته وميوله تبنى القضية الفلسطينية بل اعتبرها وما برح يعتبرها قضيته الاولى ، وناضل ويناضل من اجلها بكل ما في وسعه من فكر وعمل ، وبصدق وامانة واخلاص ، متقيدا بكل المواثيق والقرارات المتخذة في هذا الشأن ، معتبرا ان اي حل لهذه القضية لا يمكن ان يقوم الا على اساس العدل والحق .
ويطيب لنا هنا ان نؤكد اننا واثقون من ان اخواننا الفلسطينيين يحترمون بدورهم ، كما اكدوا مرارا ، اوضاعنا وشرائعنا ، وما بيننا وبينهم مما ينبع من الحرص المشترك على سلامة لبنان ونصرة القضية الفلسطينية .
والحقيقة الثانية هي ان لبنان يجب ان يبقى امينا على نهجه في السياسة العربية والدولية ، على اساس انه جزء لا يتجزأ من العالم العربي ، يقاسم اخوانه العرب سراءهم وضراءهم ، وانه منفتح على الدنيا بأسرها وغير منحاز الى اي محور او تكتل . وهو ينتظر من الجميع ان يبادلوه ثقة بثقة ومحبة بمحبة ليتمكن من متابعة اداء رسالته ، لخيره وخيرهم وخير البشرية جمعاء .
والحقيقة الثالثة هي ان الاحداث والتطورات على مختلف الاصعدة باتت تفرض علينا المبادرة الى معالجة بعض امورنا بمزيد من الجرأة والعمق .
فحرصنا على أمن لبنان وسيادته يهيب بنا ان نعنى بقواتنا المسلحة كلها ، خصوصا جيشنا ، العناية التي تجعلها موضع اطمئنان الى قدرتها المادية والمعنوية ، عدة وعددا . ولذلك لا بد من ان نوفر لجيشنا الامكانات اللازمة ليضطلع بواجباته وفق ما تمليه مصلحة الوطن وان يتأمن له وفيه توازن يوحي الثقة للجميع وينأى به عن مجالات الانتقاد ، فتكون هذه المؤسسة الوطنية عدتنا في الصعوبات ودرعنا الواقية في وجه الاعتداءات . وسنتقدم من مجلسكم الكريم في اقرب وقت بمشروع قانون عصري لتطوير اوضاع الجيش اوشكت دراسته على النهاية ، واستوحيت في وضعه احدث التشريعات في الدول التي يشابه وضعها وضعنا . اما مشروع خدمة العلم فهو بين ايديكم وسنتعاون معكم على التعجيل في مناقشته واقراره .
وايماننا بأن العدل بين الناس يجب ان يكون شعار الحكم وان المساواة الفعلية بين المواطنين في الحقوق والواجبات هي الكفيلة بإحياء الثقة بين المواطن والدولة ، وايماننا بأن الحكم ليس غاية في ذاته بل ان غايته الاصلية هي ان يسوس الشعب على وجه يشيع الطمأنينة في قلوب الجميع ويحقق من العدالة الاجتماعية ما ينتفي معه الحرمان عن اية فئة واي فرد وتكافأ فيه كل الفرص امام المواطنين ايا كانت اوضاعهم في المجتمع - كل هذا الذي نؤمن به يدفعنا الى نشدان تحقيق المجتمع الذي يؤمن به كل اللبنانيين : مجتمع العدل والكفاية والحريات .
اذ اننا نؤمن ايضا بالحرية في أوسع معانيها ، ومناخ احرية والانفتاح انما هو المناخ اطبيعي في هذا الوطن اللبناني كما يتمناه ابناؤه كافة ان يكون . لكننا الى جانب هذا نقول ان الحرية يجب ان تبقى لها ضوابط لئلا تنقلب الى فوضى ، وان المبادرة الفردية تبقى نافعة وجديرة بالتشجيع اذا نأى بها اصحابها عن دروب الاحتكار .
واستنادا الى هذه المبادئ والى قناعاتنا ، لا بد لحكومتنا ، اضافة الى انواع العمل التي تستوجبها ادارة البلاد والتي لن ندخل الآن في تعدادها ، ان تبادر اى اتخاذ تدابير ووضع مشاريع قوانين تؤدي قدر الامكان الى تحقيق الغايات التي اشرنا اليها . ونذكر في هذا الصدد مشروع قانون للتجنس يضم الى العائلة اللبنانية اولئك الذين يحق لهم ذلك .
ولا يخفى على مجلسكم الكريم ما للادارة القادرة السليمة مناهمية في تقديم الخدمات وتحقيق المشاريع ، العادية منها والاستثنائية ، التي ينتظرها المواطنون . ولذلك فإن الحكومة لن تتردد في اتخاذ كل التدابير التي قد تراها ضرورية في هذا السبيل .
ايها السادة ،
ان حكومتنا منفتحة منذ الآن على كل حوار يهدف ، في الاطار الديموقراطي ، الى تقييم الاحداث الاخيرة وتحليل اسبابها ، والتخطيط لسياسة وطنية اجماعية ، كفيلة بمعالجة هذه الاسباب في الاصول والجذور . ذلك ان الحكم ملزم بتطوير اساليبه وقواعد عمل مؤسساته بما يتيح التوافق مع متطلبات العصر ، فيضع سلما للاولويات يجري على اساسه التخطيط الانمائي لتلبية حاجات المناطق والمواطنين ، خصوصا الفئات غير الميسورة .
هذه هي سياسة حكومتنا الاجمالية وتلك هي اهدافنا المرحلية التي تسعى الى تحقيها ، بتوجيه من فخامة رئيس الجمهورية الاستاذ سليمان فرنجية ، وبالاشتراك والتعاون المخلصين معه ، وبتأييد من مجلسكم الكريم .
وعلى هذا الاساس نتقدم منكم طالبين منحنا ثقتكم الغالية من اجل العمل لما فيه خير البلاد واهلها ، بصفوف متراصة وإرادات موحدة تتعبأ في ظلها كل الطاقات ، فيبذل كل لبناني ، مقيما كان ام مغتربا ، ما في وسعه ليبقى وطننا لبنان سليما من كل اذى ومزدهرا ، ويبقى شعبنا الاصيل سيدا حرا عزيزا ، متطلعا في استمرار الى المستقبل الافضل .