الحكومة رقم 45
حكومة الرئيس صائب سلام
ألحكومة الاولى في عهد الرئيس سليمان فرنجية
كلف الرئيس صائب سلام بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 4 تاريخ 13-10-1970
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 4 تاريخ 13-10-1970
نالت الحكومة 76 صوتا ضد صوت وامتناع 4
استقالت الحكومة بتاريخ 27-5-1972
وتألفت من
وقد جرت عليها التعديلات التالية:
و:
البيان الوزاري
أيها الزملاء الكرام ،
قبل ان أبدأ بتلاوة البيان الوزاري ومناقشته، أحب ان أعلن بأنني طلبت الى الرئاسة الكريمة، وتكرمت باستجابة الطلب بأن تكون الاذاعة والتلفزيون في هذه القاعة غير منحصرين في نقل أقوال الحكومة، بل ان يشاطر النواب الكرام الحكومة هذا الحق. آملا أن يكون هذا دليلا آخر على مناخ الحرية الذي نحب ان نوفر للنواب بالدرجة الاولى، ومن ثم للجمهور، لنسمع الانتقاد ويسمعه الجمهور ونأخذ منه ونسير على هديه.
دولة الرئيس ،
حضرة النواب المحترمين ،
كنا ولا نزال على يقين ان النظام الديموقراطي البرلماني ولبنان توأمان لا ينفصلان، فاما ان يكون لبنان في ظل حكم ديموقراطي برلماني او لا يكون وسيكون لبنان.
فباسم هذا النظام تمثل امام مجلسكم اليوم حكومة غير الحكومات التي تعودتها مجالسنا. ومن الطبيعي اذن أن يجيء بيانها الوزاري كذلك على غير ما كانت البيانات، أي ان يكون وثيقة عمل واضحة، بسيطة، مباشرة، محددة وصريحة، وثيقة عمل لدولة عصرية.
وذلك بأن السياسة العامة التي تنوي هذه الحكومة انتهاجها في غير حاجة الى كثير شرح وتطويل. وهي ليست سوى امتداد لارادة مجلسكم الكريم التي تمثلت في انتخاب فخامة السيد سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، والتي كانت قد عبرت عن نفسها في مواقف متعددة متكاتفة أجمع عليها اللبنانيون، ويصح بالتالي وصفها بالارادة الشعبية المستمرة التي على جميع الحكومات استهداؤها، من دون حاجة الى تكرار وتأكيد.
انطلاقا من ذلك، سنحاول في هذا البيان، تحديد نظرتنا الى الحكم وقضاياه، متخطين التقسيم التقليدي فصولا يتناول كل واحد منها وزارة معينة، لبقيننا بأن الحكم وحدة متكاملة لا تتجزأ.
الوزارات اللبنانية وبياناتها
أولا : التهيئة لتخطيط متكامل للمستقبل اللبناني، كمثل الذي تعتمده اعرق الديموقراطيات ذات الاقتصاد الحر المنظم، تنسجم في اطاره نشاطات القطاعين العام والخاص، وتقع جميع المشاريع الانمائية في اطاره كذلك بحيث تزيد الانتاجية ويزيد الدخل العام، ويرتفع مستوى معيشة كل مواطن بنسبة عمله. ويجب ان يبنى التخطيط على مسح دقيق للاوضاع الحالية، في كل القطاعات، دون تهرب من الرقم الصحيح. ويهدف هذا التخطيط الى تأمين العدالة الاجتماعية، ليس بين المواطنين فحسب، بل بين المناطق كذلك على نحو يعطي اللامركزية في الحكم أبعادا اقتصادية تجعل لوجودها الاداري والسياسي معنى ومنطقا جديدين.
ثانيا : ومن أجل انماء لبنان الاقتصادي ستعمد الحكومةالى رسم سياسة مالية جديدة تؤمن الترابط العضوي بين حجم الكتلة النقدية وحجم التسليف وكلفته وآجاله وبين حاجات هذا الانماء، والسعي الى تأمين العدالة في توزيع الاعباء الضريبية ووقف هدر موارد المالية العامة على النفقات غير المجدية في أجزاء الموازنة الثلاثة، والعمل على تثبيت مستوى النشاط الاقتصادي وتوسيع القاعدة الاقتصادية وتنويع عناصرها بغية مساعدة الاقتصاد الوطني على مجابهة التقلبات العنيفة.
ثالثا : تمكين الدولة من توفير الخدمات التي ينتظرها المواطن في الحقول الاجتماعية والحياتية والصحية، وأخصها الضمان الصحي، وتعزيز القطاع الطبي العام، فضلا عن سد حاجات المواطن الاولية الى المسكن والطرق والمواصلات والانارة والماء والغذاء .
رابعا : مراجعة جميع برامج التربية والتعليم، أكاديميية كان أم مهنية، في ضوء التخطيط العام، بحيث ينتظم التخرج من المدارس والجامعات على أساس توافر الاعمال وتزايد الحاجات، فلا تزداد بطالة المتعلمين الذين لا أعمال لهم، ولا تهاجر الادمغة التي لا يتوافر لها في لبنان اليوم مناخ العلم وشروط استخدامه، ويستمر الانسان رأسمال لبنان الاكبر. ومثل هذا التعزيز للتخصص يفترض، بالطبع، التشديد على نوعية التأسيس المدرسي، كما يفترض تعزيز أوضاع المعلمين ورفع مستوياتهم. وستعمد الحكومة، في سبيل ذلك، الى استخدام وسائل الاعلام البصرية والسمعية لتطوير أساليب التعليم، كما ستعمد الى ايجاد أجهزة فعالة، بمشاركة المعنيين، للرقابة على التعليم في جميع حقوله وأطواره .
هذه نظرتنا الى الحكم وقضاياه، نظرة نرجو ان تنال الحكومة ثقتكم على أساسها حتى نتمكن معا من اعطاء الديموقراطية محتوى جديدا يساعد على نقل لبنان الى مستوى الدول العصرية وعلى جعل الدولة تلك المؤسسة التي يثق بها المواطنون وتطمئن الى مستقبلها، وفي ظلها، الاجيال الطالعة التي تعيش اليوم أزمة قلق يكاد يقارب اليأس، فضلا عن اللامبالاة .
ومن اجل اشراك الاجيال الطالعة في تحمل مسؤولياتها الديموقراطية، ستودع الحكومة مجلسكم الكريم مشروع قانون بتعديل الانظمة الانتخابية في هذا الاتجاه.
كما ستعمد الحكومة الى ايداع مجلسكم، كذلك، مشروع القانون الذي سبق لحكومات سالفة ان درسته والقاضي بانشاء المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي يشرك، بدوره، القطاعات العاملة في مسؤولية التقرير، ايمانا من الحكومة بضرورة تعزيز الحركة النقابية لتؤدي دورها الايجابي في الحياة العامة.
ومن الطبيعي، ان تحرص الحكومة على ان يتم التطور المنشود في جو من الحرية والانفتاح، وهي مسؤولية تتحملها الصحافة ومؤسساتها وهيأتها، بمشاركة سائر وسائل الاعلام، في القطاعين الخاص والعام، من غير ادعاء ارشاد ولا محاولة كبت او تضليل، بل بمساعدة الطاقات الفكرية على النمو وتنشيط الثقافة الخلافة. ومن أجل ذلك، ستعمد الحكومة الى تطوير الانظمة المعمول بها واقتراح تعديل القوانين النافذة، بحيث تصبح اكثر ملاءمة للاوضاع العصرية، واكثر قابلية للتطبيق .
كان في ودنا، وقد جاءت هذه الحكومة باسم الجد والعمل، ان نتقدم منكم ببرنامج مفصل للمشاريع التي ننوي تحقيقها. غير ان المسؤولية العلمية والسياسية التي نلتزم بها تجعلنا نتريث في رسم مثل هذا البرنامج، بانتظار التحقق من الامكانات الحقيقية للخزينة ووضع سلم أولويات مرتبط بالخطة المتكاملة التي ستعرض عليكم في حينها والتي من شأنها ان تلبي حاجات الشعب الملحة، ثم ان تنفيذ المشاريع يفترض، كما تدركون ولا ريب، اعادة النظر في بعض الاوضاع الادارية، سواء الوزارات او في المصالح المستقلة المرتبطة بها، وهو ما ستعمد الحكومة الى القيام به في أسرع وقت.
في انتظار ذلك، وتأمينا لشروط نجاح هذا العمل، لا بد ان نقبل على عمل الحكم اليومي بروح مجردة غير ملتزمين بمصلحة اقليمية او طائفية او طبقية، او حزبية او سياسية.
كما لا بد من ان يكون في طليعة اهتماماتنا توفير الامن والعدالة والاستقرار لجميع المواطنين. وهي من البديهيات التي سنعمل على تحقيقها بجميع الوسائل فنحن مصممون على اقامة حكم النظام والقانون الذي يطالب به الشعب كما اننا مصممون على محاربة الفساد وتعزيز الادارة وتعديل انظمتها وقوانينها، بما فيها بعض المراسيم الاشتراعية، التي تجاوزها التطور فباتت تعيق تحول الادارة الى أداة فعالة مسؤولة لخدمة الناس وتلبية حاجاتهم وتأمين حقوقهم وصيانة حرياتهم.
ومن الاصلاحات السريعة التي نعتزم اجراءها فصل قوى الامن الداخلي على الجيش، فتتحمل قوى الامن الداخلي مسؤولياتها، وتبقى هيبته وحصانته في نظر الدولة والرأي العام .
والحكومة عازمة على رسم سياسة دفاعية تستهدف، من جهة، دعم معنويات الجيش وتأمين حاجاته الحقيقية وتحديث وسائله ومشاركة الشباب في خدمة العلم، كما تستهدف من جهة اخرى حصر مهمة الجيش في القضايا العسكرية والحؤول دون تدخله بأي من اجهزته في الامور السياسية والادارية. وضمانا لذلك ستحيل الحكومة الى مجلسكم الكريم مشاريع القوانين التي تعيد الى السلطة التنفيذية مسؤولياتها الدستوريةن بما في ذلك الصلاحيات الادارية والمالية، واذ ذلك تصبح رقابة السلطة التشريعية معززة على نحو يحافظ على سلامة الحكم الديموقراطي الذي تحرصون ونحرص على اعادته الى اصوله.
والهدف من هذه السياسة الدفاعية هو المحافظة على استقلال لبنان وكيانه وسلامة اراضيه، ثم تحصين حدوده المواجهة للعدو وتأمين وسائل الصمود لدى أهالي الجنوب بحيث يطمئنون الى ان الدولة لن تفرط بهم وبحقوقهم وبأرضهم التي هي جزء من لبنان لا يتجزأ . وهكذا يفرض لبنان احترامه على الصعيد الدولي، فضلا عن تثبيته لسيادته .
والحكومة الجديدة ليست في حاجة الى تأكيد التزامها بمسؤوليات لبنان الطبيعية في الاطار العربي، وهي عازمة على المشاركة مشاركة ايجابية فعالة في معالجة القضية الفلسطينية التي هي، في الوقت ذاته وبأكثر من وجه، قضية لبنانية المصيرية .
وتعتبر الحكومة ان عليها، تجاوبا مع مقررات مؤتمرات القمة العربية والمواثيق والاتفاقات التي ارتبطت بها، اعتماد الوزارات اللبنانية وبياناتها
ديبلوماسية متحركة على الصعيدين العربي والدولي، والافادة من الانتشار اللبناني في العالم، كما عليها واجب مساندة العمل الفدائي الملتزم بغايته السامية والملتزم معها ايضا بواجب احترام قواعد السلامة والسيادة اللبنانية.
ان الحكومة الماثلة امامكم تعطي الديموقراطية اللبنانية ابعادا جديدة مستندة الى روح الدستور ونصه، فهي تعزز، من جهة، مسؤولية الرقابة التي يمارسها مجلسكم الممثل للشعب، كما تعزز، من جهة أخرى، مسؤولية الحكم التنفيذي التي تتحملها الحكومة تجاهكم وتجاه الرأي العام، الان، وغدا، وفي كل ساعة .
اننا اذ نتقدم من مجلسم الكريم طالبين ثقتكم الغالية، نأمل ان تجيء هذه الثقة تعبيرا جديدا عن حرصنا واياكم على توطيد الشرعية الديموقراطية، فنثبت معا ان النظام اللبناني، من غير ما تعديل في مؤسساته الدستورية، قابل للتطور وفقا لمتطلبات الحكم من حيث علاقة المواطن بالدولة وحقوق المواطن على الدولة وواجبات الدولة تجاه المواطن .