الحكومة رقم 32
حكومة الرئيس صائب سلام
ألحكومة الخامسة في عهد الرئيس فؤاد شهاب
كلف الرئيس صائب سلام بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 6784 تاريخ 20-5-1961
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 6785 تاريخ 20-5-1961
نالت الحكومة 46 صوتا ضد 44 صوتا وامتناع 1
استقالت الحكومة بتاريخ 31-10-1961
وتألفت من
البيان الوزاري
حضرات النواب المحترمين
إن شعوري بالمسؤولية الملقاة وتجاوبي مع رغبات مجلسكم الكريم ، مضافين الى اقتناعي بما لمسته من مشاعر الرأي العام ، وماتحسسته من مشاغل الشعب ، كل هذا حدا بي الى الاقدام على تعديل الحكومة التي لي شرف رئاستها ، واختصار عدد أعضائها ، تعديلا واختصارا أجد فيهما إرضاء لمصلحة الحكم في ظرفنا الحاضر ، كما وجدت فيهما رضاء شاملا لدى الرأي العام ، وأنا واثق أن مجلسكم الكريم يجد فيهما تحقيقا لرغباته.
والتعديل كالتبديل يتطلب ، وفقا للأصول البرلمانية التي نتبعها في لبنان ، استقالة رئيس الحكومة . فكان لزاما علي ، وانا أتمتع بثقتكم الغالية ، أن اقدم استقالتي فتجري استشارات واسعة حسب التقاليد وتنبثق عنها هذه الحكومة المعدلة التي لي شرف رئاستها و التي تتابع السير على التقاليد فتمثل أمامكم اليوم.
وإنني وزملائي ، إذ نعرب عن تقديرنا لزملائنا في الحكومة السابقة ، لحريصون على ممارسة الحكم وفق الموجبات التي يفرضها والحريات التي يؤمنها النظام الجمهوري البرلماني الذي اعتمدته بلادنا ، و الذي نعتبره أصلح الأنظمة لها ، وأكثرها انطباقا على واقعها ، وأوثقها ضمانا لمستقبلها .
وسنظل دائما وفي جميع الظروف نولي مشاعر الرأي العام اهتمامنا ، و مشاغل الشعب عنايتنا ، وننشد باستمرار التعاون الكامل مع مجلسكم الكريم ، مخضعين عملنا لرقابته . وهذا هو في اعتقادنا المفهوم الصحيح لعلاقات الحكومة بالبرلمان في ظل نظامنا ، والتطبيق السليم لنص الدستور وروحه .
ونحن مدركون أن عمل الحكومة يظل ناقصا وعاجزا عن تلبية رغبات الأمة وسد حاجاتها إن لم يسانده عمل التشريع المنوط بكم مساندة نشيطة وخصبة تتجلى إنتاجا يجاري تطور البلاد الدائم ، وإن لم ترافقه رقابة صالحة تتجاوب مع إرادة الشعب الذي نمثل وتمثلون .
ومن هنا رأت الحكومة ضروريا في هذا الظرف أن يتابع مجلسكم الكريم عمله بعد انتهاء دورته العادية فقررت فتح دورة استثنائية نتعاون فيها وإياكم على العمل والانتاج .
حضرات الزملاء المحترمين
تمثل حكومتنا أمامكم وقلوبنا عامرة بالإيمان ، مليئة بحب لبنان ، وبالرغبة الصادقة في التضحية بكل غال في سبيل هذا الوطن المفدى والعمل على توثيق اواصر المحبة وإشاعة روح السلام والتسامح بين فئات شعبه ، وتأمين أكبر قسط ممكن من الطمأنينة والرفاه لجميع اللبنانيين . و لتحقيق هذه الغاية ايضا لن ندع وسيلة ولن نوفر جهدا من أجل القضاء على كل ما من شأنه أن يفرق بين المواطنين ، أو يزرع الشك والحذر في بعض النفوس ، أو يضعف الايمان بمقومات الوطن وقواعد الدولة ،
مثابرين على تطبيق القوانين النافذة في كل مرة يظهر أن ثمة افتعالا لإشاعة القلق ، أكان في حقل السياسة أم في حقل الاقتصاد .
ونرجو أن تثقوا بأننا نتقبل النقد ، والمعارضة ، و النصح ، بصدر رحب واستعداد كامل ومخلص لتقويم أي اعوجاج في أعمالنا أو أجهزة الحكم . لكننا نعتقد اعتقادا راسخا بأن حرية النقد ، على كونها حرية اساسية نحرص عليها حرصنا على جميع الحريات العامة ، يجب ان تمارس بروح المسؤولية والا تنقلب الى فوضى وتجريح وتجن يزعزع الثقة بالأنظمة وبالمؤسسات العامة ، ويستهين بكرامة العاملين في الحقل العام ، أكانوا في الحكم أم في خارجه ، أكانوا سلطة تشريعية أم تنفيذية أم قضائية . فكرامة البلاد وسمعتها من كرامة هؤلاء وسمعتهم ، وهيبة الدولة تنبسط وتتقلص تبعا لهذه العوامل .
وأملنا الوطيد ، اذا حزنا ثقتكم وثقة الشعب الذي تمثلون ، أن نبرر هذه الثقة المزدوجة ونستحقها بالعمل المتصل والجهد الدائب والانتاج الفعلي في جميع الميادين ، فنمضي قدما في معالجة الامور بجد و اهتمام ، كبيرها وصغيرها ، ونسرع في الانجاز ، ونهيى ء وننفذ المشاريع والاشغال ذات المنفعة العامة في جميع المناطق ولمنفعة جميع الفئات ، وننفق عليها خلال اقصر وقت ممكن أكبر قدر من الاعتمادات المخصصة لها ، مراعين في آن واحد ضرورة تغذية الدورة الاقتصادية بما يتجمع من اموال في الخزانة ووجوب توجيه الانفاق بشكل يوقي من تضخم النقد المتداول ومن ارتفاع الاسعار .
كل هذا وهمنا الاول إشاعة العدل والمساواة بين المواطنين والتقيد بالقانون وتطبيقه بنزاهة وصراحة على الجميع ، بمنأى عن الحزبية والاعتبارات الشخصية .
ونضع منذ الآن في راس مشاغلنا إنجاز المرحلة الاخيرة من الإصلاح الاداري ، واعداد ما يلزم لتنفيذ المخطط العام لإعمار البلاد وتطويرها اقتصاديا واجتماعيا ، والاستعانة في هذا السبيل الى اقصى حد برجال الفن والاختصاص من اللبنانيين ، وإننا عازمون على توقيت تنفيذ المشاريع بشكل يضمن في آن واحد التناسق والسرعة وتحرير الادارة ما أمكن من اسباب البط ء والتعقيد .
وهكذا ، فإننا نجعل من حكومتنا الحاضرة حكومة عمل وانتاج ونود أن يأتي حكمكم على اعمالنا لا على ما كان يمكن ان نضمنه هذا البيان من وعود .
إن رائدنا سلامة الوحدة الوطنية وتدعيمها في الداخل ، وسياسة الحكومة العربية والدولية ستظل بالتالي متفقة مع هذه القاعدة الاساسية ومستندة اليها ، وقد أعلنا هذه السياسة بوضوح وتفصيل في بيان حكومتنا السابقة ، وهي سياسة مستمرة ومنبثقة من واقع لبنان ومصلحته وارادة شعبه وسنثابر عليها .
ذلك ما نعتزم ، بعد الاتكال على الله تعالى ، أن نجعله في الحكم منهاجا ومن الحكم غايتنا ، بيناه لكم ببساطة وإيجاز ، آملين أن نعود اليكم الفينة بعد الفينة لنطلعكم على ما حققنا ونفذنا ونسترشدكم في مرحلة التحقيق والتنفيذ التالية .
وعلى هذا الاساس ، نتقدم منكم طالبين ثقتكم الغالية ن موجهين الى اللبنانيين ، مقيمين ومغتربين ، تحية الاخوة والوفاء ، سائلين المولى القدير أن يمدنا بعونه في خدمة بلادنا الحبيبة وان يمتع هذا الشعب الابي بالسلامة والعزة والازدهار .