الحكومة رقم 31
حكومة الرئيس صائب سلام
ألحكومة الرابعة في عهد الرئيس فؤاد شهاب
كلف الرئيس صائب سلام بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 4943 تاريخ 1-8-1960
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 4944 تاريخ 1-8-1960
نالت الحكومة 78 صوتا ضد 9 اصوات وامتناع 1
استقالت الحكومة بتاريخ 20-5-1961
وتألفت من
حضرات النواب المحترمين
ما وجدت مقدمة لهذا البيان خيرا من استعادة بعض ما حوته الرسالة التي وجهها فخامة رئيس الجمهورية الى اللبنانيين يوم اعتزم اعتزال الحكم ثم عدل ولله الحمد شعورا بالواجب وتقديرا لظروف البلاد ونزولا عند رجاء ملح صدر عن الشعب باسره وعبر عنه ممثلوه بإجماعهم .
فقد وصف فخامته كيف خرج لبنان من الازمة التي عصفت به عام 1958 وكيف عاد الاستقرار والازدهار الى مرافقه والاستقامة الى سياسته مع جيرانه واخوانه ، كما اشار الى الخطوات الواسعة التي خطتها الحكومات في السنتين الغابرتين في سبيل إرساء اجهزة الدولة على اسس واضحة وسليمة واضاف فخامته انه لم يكن بد ، حالما تهيأ الجو ، من تأمين تمثيل برلماني واسع ليدخل الى الندوة عدد كاف من ممثلي الفئات اللبنانية جميعها وقد جاء بالفعل هذا المجلس الجديد الكريم محققا تلك الغاية .
وهكذا ترون ، ايها الزملاء المحترمون ، كيف ان العناية الإلهية شاءت ان تلتقى القلوب وتصفو الاذهان وتعود الامور الى مجاريها الطبيعية بسرعة وعمق ادهشتا العالمين ودلا ، ان كان من حاجة بعد لدليل ، على طيب عنصر شعبنا اللبناني واستعداده الفطري لرأب كل الصدوع اذا ما ارسل على سجيته ولم يتعرض لضغط ولا لتفرقة مفتعلة ، كما دلا على طاقة الانتاج والعمل العظيمة الكامنة في هذا الشعب والتي تجعله قادرا في كل وقت على النهوض من الكبوة واستعادة المبادرة .
بروح الوحدة الوطنية هذه ، وبهذا الايمان بإمكانات لبنان ومستقبله ، وبهذه الثقة بمواطنينا ، تتشرف حكومتنا بالمثول امامكم ، عارضة نهجها في العمل وطالبة ثقتكم الغالية .
ان هذه الروح ذاتها هيمنت على تشكيل حكومتنا بقصد ان تأتي ، مثل هذا المجلس الجديد ، ممثلة جميع الفئات والتيارات اللبنانية ، كما ساهمت ايضا في تشكيلها فكرة تأمين العمل المجدي بتفرغ كل وزير لعمله وتجنب الارهاق والفوضى ، وهما عدوا الانتاج السليم ، وذلك بإعطاء التنظيم الاداري كامل حقه .
ولقد رأينا من الضروري ان يدخل الحكومة عدد من الوزراء كلفوا مهاما معينة ذات اهمية كبرى في مرحلة البناء والتطور التي نمر بها ، مهاما تدخل مبدئيا في اختصاصات وزارات مثقلة بالاعمال .
لولا الوحدة الوطنية ، ولولا شعور كل لبنان ، الى اية فئة انتسب ، بأن لبنان وطنه ، لما حقق لبنان استقلاله وثبت سيادته ورسخ كيانه . ومن تلك الوحدة انبثق ميثاقنا الوطني الذي رسم لنا سياسة استقلالية خالصة وعربية ناصعة وخارجية حرة ، والذي يبقى شرعة غير مكتوبة لوطننا ، ضامنة كيانه ومجده وكيان شعبه .
تلك الوحدة وهذا الميثاق هما نقطتا الانطلاق لعملنا والاساس لمناهجنا ، فنحن نريد قبل كل شيء : "لبنان واحد لا لبنانين" .
ومن هذا الشعار ، ايها السادة ، تنبثق قواعد السياسة اللبنانية في الداخل والخارج ، بصورة عامة ، ومنه نستخلص هذه الكلمات القليلة التي تعبر عن مفاهيم المجهود الذي سوف تبذله حكومتنا ، الالفة والتآخي ، الامن والطمأنينية العدل والمساواة ، الاستقرار والازدهار ، التعمير والانشاء واحترام الحريات في نطاق القانون .
فسياستنا الخارجية تنبع من واقع لبنان وواقع محيطه وهي التي تحددت خطوطها الكبرى في مطلع عهد الاستقلال عام 1943 ، فرائدنا قبل كل شيء المحافظة على استقلال لبنان وكيانه وسيادته ودستوره والدفاع عنها في جميع الظروف والاحوال وتجاه اي كان . ورائدنا ان تظل علاقاتنا مع الدول العربية الشقيقة علاقة اخوة وود صافيين ، وان نتصرف إزاء العرب جميعا تصرف الحريص على عزتهم وازدهارهم ، ووحدة صفهم ، الحامل رسالة السلام والمحبة بينهم ، المتعاون معهم في جميع الميادين تعاونا نزيها صادقا والعامل بجد وبلا توان على توثيق كل هذه الروابط على صعيد العاطفة وعلى صعيد المصلحة ، والساعي دوما الى تعزيز الجامعة واحترام ميثاقها ، والمتضامن مع اشقائه العرب في قضاياهم الكبرى ولا سيما التحررية والاستقلالية وفي طليعتها قضية فلسطين .
ورائدنا ان تقوم علاقاتنا مع جميع الدول على اسس من الصداقة والاحترام المتبادلين الخاليين من كل لبس ، بعيدا عن كل قيد او ارتباط من اي نوع كان يتنافى ومفهوم السيادة الكاملة ، مستندين في كل حال الى شرعة الامم المتحدة فيما تعلن من مبادىء وما تنشىء من حقوق وما توفر من ضمانات
رائدنا بالنتيجة ، في هذا المجال ، ان يظل لبنان بلدا عربيا مستقيلا ، موطد الاركان والكيان ، جمهوريا ديموقراطيا ذا سيادة تنبع من وحدته الوطنية ، منطلقا ومنفتحا على العالم كله ، ساعيا الى توطيد علاقاته مع دول الارض كلها ، سائرا بسياسة الصداقة والتعاون مع الجميع الى مدى لا يحده غير استقلالنا وسيادتنا .
حضرات الزملاء الكرام
نضع في رأس مشاغلنا بذل المزيد من الجهد لتوطيد هيبة الدولة في جميع المناطق ، وتطبيق القوانين بكل شدة وبلا هوادة على الجميع بدون تمييز ولا مراعاة .
وفي الوقت نفسه نسعى بكل ما نستطيع الى إزالة التباعد والتنافر ، والشك والحذر ، من علاقات اعضاء الاسرة اللبنانية بعضهم مع بعض ، ليحل محلها ثقة وتسامح وتعاون وتضامن بينهم جميعا .
وفيما نحن اشد الحرص على انصاف كل المناطق والفئات والمساواة بينها في الحقوق والواجبات وتامين افادتها من منافع الدولة على وجه يرفع من مستوى المناطق والفئات المتخلفة عن غيرها ، لا نرى من واجب الزم على الحكومة وعلى المجلس وعلى اللبنانيين قاطبة من السعي الدائب الى دعم وحدة صفوفنا في الداخل لمجابهة مصيرنا بإيمان وثبات ، وحل معضلاتنا بأنفسنا ، والاتكال ، بعد الله ، على سواعدنا المتضافرة لبناء مستقبل مستقر مجيد ، في ولاء كامل غير مشوب ولا مجزأ لوطننا لبنان .
وتولي حكومتنا عناية كبرى مسالة اصلاح اجهزة الدولة . فقد دشن العهد الحاضر حركة إصلاحية واسعة في هذا الميدان ، فوضعت الحكومات التي سبقتنا نصوصا تشريعية وتنظيمية اقتضت الكثير من الوقت والجهد ، وقد بدأت الان المرحلة الحساسة من هذه الحركة ، وهي مرحلة التطبيق ، واكمال بعض النصوص وتعديل بعضها الاخر مما تظهر التجربة وجوب اكماله او تعديله ، توصلا الى تحقيق العلاقات الاساسية من هذا العمل الاصلاحي ألا وهي تحسين إنتاج الموظف وضبطه ومراقبته وتنسيق الاعمال فكرة اللامركزية تنفيذا عمليا على نطاق واسع وإقصاء المؤثرات السياسية عن الادارة .
وكذلك ، ستولي الحكومة عناية خاصة شؤون التفتيش في مختلف مصالح الدولة فتشجع المفتشين على القيام بعملهم بكل حرية وتعير تقاريرهم كل الاهمية فتجري التحقيقات القضائية وتنزل العقوبات المسلكية متى اقتضت الحال ولا تتردد في إحالة التقارير والتحقيقات الى القضاء حيثما يظهر ان جرما جزائيا قد ارتكب .
وهنا ، وقد وصلنا الى ما جرت العادة على تفصيله من مشاريع تعرض كل حكومة جديدة انها تنوي تحقيقها ، نستميحكم العذر ان نحن عددنا ما نريد ان نلزم انفسنا به ، مشيرين فقط الى ما سوف نضعه موضع الدرس منذ غد وما سوف تقوم كل وزارة على تنفيذه ، في حيز اختصاصها وامكاناتها ، بأسرع وقت ممكن .
- إنجاز التصميم الشامل للإنماء الاقتصادي والاجتماعي ، وإكمال تجهيزات مكتب الاحصاء المركزي .
- إعادة النظر في التنظيم القضائي وفي نظام القضاة ، والسعي الى رفع مستوى القضاء المادي والمعنوي ، وكذلك تعزيز التفتيش القضائي ، وإعادة النظر في تشكيل مجلس القضاء الاعلى مع المحافظة على استقلال القضاء .
- تعديل الانظمة الضرائبية ومعدلات الضرائب والرسوم على وجه يجعلها متلائمة مع تطور الاقتصاد ومتطلبات الحياة على ضوء مبدأ حرية التعامل في لبنان .
- وفي الوقت نفسه تعديل سياسة افنفاق العام بما يتفق مع مخطط إعمار سائر مرافق البلاد ، وتشجيع الافراد والمؤسسات الخاصة على تنمية اعمالهم وخلق ميادين جديدة لنشاطهم وتوظيف رؤوس الاموال اللبنانية وغير اللبنانية .
- تنفيذ القانون المتعلق بانشاء مجلس النقد والتسليف .
- ملاحقة إنجاز تقارير اللجنة الخاصة المكلفة دراسة التوفيق بين تطور تكاليف الحياة وبين ما يتقاضاه عمال الدولة المدنيون والعسكريون من رواتب ومنح وتعويضات .
- وضع مخطط عام فتمام شبكة الطرق في البلاد وإعطاء كل منطقة حقها من الاعتمادات على اساس حاجاتها الحقيقية وضرورة تطويرها
- متابعة سياسة تشييد ابنية الدولة وبالتالي افسراع في إتمام اشغال قصر العدل والمطار الدولي ومدرسة التعليم المهني والسجن الحديث والمستشفيات والمستوصفات العديدة في سائر المناطق .
وفي الوقت نفسه إنجاز الدراسات لتشييد المباني الحكومية المركزية ودور الادارة ومخافر الامن في بعض مراكز المحافظات والقائمقاميات .
- درس تصميم شامل للمياه وتنفيذ المشاريع المائية الكبرى في المناطق كافة وخاصة في الشمال والبقاع والجنوب ن وتأمين مياه الشرب لأكبر عدد من القرى المحرومة ، ودرس إقامة سدود وإنشاء بحيرات في الاودية العامية لخزن المياه الشتوية واستعمالها في الصيف ، وتمويل المدن ، وخاصة بيروت ، والقرى الجبلية بما تحتاج اليه من مياه إضافية .
- إعادة درس مشروع الليطاني درسا فنيا وإداريا على ضوء نتائج الاعمال وضمن الإمكانات الفنية ، والسعي الى متابعة تنفيذه وإعطاء الاولوية لمياه الشفة والري وتعميم فائدة هذا المشروع .
- إتمام مشاريع أنتاج الطاقة الكهربائية بكميات كافية وباسعار ملائمة ، ووصل مصانع افنتاج ببعضها ، وإنشاء شبكة تؤمن الطاقة للمدن والقرى ليلا ونهارا بدون انقطاع .
- تحقيق الضمان الاجتماعي بما فيه خصوصا الضمان الصحي وذلك على مراحل تتفق وإمكانات الدولة وارباب العمل من جهة وحاجات العمال والمستخدمين من جهة ثانية ، والاهتمام بشؤون النقابات وتنظيمها وتعزيز نشاطها .
- مكافحة الغلاء والاحتكار وبصورة خاصة وضع نظام لاستيراد الادوية وبيعها يجعل الدواء في متناول جميع فئات الشعب .
- إنجاز دروس المساكن الشعبية وغنشاء هذه المساكن وكذلك معالجة معضلات السكن بصورة عامة .
- نشر التعليم الابتدائي المجاني ، وتوسيع التعليم الثانوي والمهني في المناطق كافة على اسس تأخذ بعين الاعتبار حاجات المناطق المتخلفة وتوجيه التعليم ، وإعداد الطلاب بما يتلاءم مع الحاجات المعيشية وتطور الاقتصاد والثقافة .
- رفع مستوى الهيئة التعليمية فيا لمدارس الرسمية وفق مخطط تدريبي مسلكي وتقني .
- متابعة درس توحيد المناهج من اجل تنفيذه في المرحلة الابتدائية .
- زيادة مقدار الاعتمادات لمنح التخصص العالي وتوزيع هذه المنح على اساس انصاف الفئات المتخلفة علميا واجتماعيا .
- وضع اسس سليمة للتعاون الوثيق بين وزارة التربية الوطنية ومؤسسات التعليم الخاصة فيما يتعلق بالاشراف عليها .
- تخفيض اسعار الكتب المدرسية .
- تعزيز الجامعة اللبنانية وإنشاء فروع فيها للهندسية التطبيقية والعلوم الاجتماعية .
- إنشاء متحف للفنون اللبنانية والعربية .
- تنشيط الرياضة والكشفية عمليا وغبعاد مؤسساتها عن جميع المؤثرات السياسية .
- إكمال شبكة الهاتف الالي وجعلها تشمل جميع مناطق لبنان ، وتعميم غرف الهاتف ومراكز البريد .
- معالجة مشاكل الصناعة بما يؤمن ازدهار وتشجيع الانتاج الوطني مع مراعاة مركز لبنان التجاري .
- المزيد من العناية بشؤون السياحة والاصطياف وافشتاء والمواقع الاثرية .
- إنشاء محطات جديدة للاختبار الزراعي ، وتعزيز افرشاد الزراعي ، ورفع مستوى التعليم الزراعي .
- تنظيم التعاونيات الزراعية على اسس حديثة .
- تحقيق مشروع الصندوق التعاوني للموظفين .
- النهوض بشؤون البلديات والقرى وتشجيع إنشاء اتحادات بين البلديات المتجاورة وإيجاد اجهزة مشتركة تحقيقا للمشاريع المتشابكة .
- تنظيم العاصمة تنظيما عصريا وتطوير وسائل الانتقال فيها .
- مطالبة الصحافة بمسؤولياتها ضمن نطاق الحرية التي يعتز بها لبنان والتعاون مع نقابة الصحافة للنهوض بالرسالة الصحفية على الوجه الاكمل .
- إنجاز مشروع الاذاعة اللبنانية الكبرى لإسماع صوت لبنان للعالم ، واستحداث البرامج الراقية التي تليق بمكانة لبنان الفكرية والفنية وتماشي التطور الاذاعي العصري .
حضرات الزملاء المحترمين
هذا إيماننا اعلناه وهذا نهجنا في الحكم بيناه .
ونود أن نزيد على ما سبق ان حكومتنا بجميع اعضائها تضع في راس واجباتها التعاون مع مجلسكم الكريم تعاونا وثيقا ، مستمرا مثمرا ، لنعمل معا على تعزيز النظام البرلماني وتسيير سياسة لبنان العامة في خط يؤمن لهذا الوطن الحبيب السلامة والطأنينة والعزة والازدهار ، ويضعه دائما في المنزلة الكريمة التي يستحقها في العالم العربي وفي العالم الاوسع .
كما اننا نبغي من عملنا - الذي نؤدي لكم حسابا عنه في كل وقت - تطبيق قواعد العلم والنظام والعدالة والمساواة فنجعلها تسود مجتمعنا كما نجعل روج المسؤولية والقيام بالواجب وارتفاع المصلحة العامة فوق كل مصلحة اسسا تقوم عليها اداة الحكم بجميع فروعه .
وفي الوقت الذي نطلب فيه ثقتكم الغالية ، على أساس ما سبق بيانه وعلى أساس استعدادنا للعمل دائما بإخلاص وتجرد ونزاهة ، نتوجه الى اللبنانيين بذل اقصى جهدنا لتحقيق اهدافهم في حياة كريمة عزيزة حرة .