الحكومة السادسة والستون
حكومة الرئيس رفيق الحريري
ثالث حكومة في عهد الرئيس اميل لحود
كلف الرئيس رفيق الحريري بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 10056 تاريخ 17 نيسان 2003
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 10057 تاريخ 17 نيسان 2003
منح الحكومة الثقة 85 نائبا وحجبها 12 نائبا وامتنع عن التصويت 14 نائبا
استقالت الحكومة بتاريخ 26-10-2004
وتألفت من
وقد جرت عليها التعديلات التالية:
البيان الوزاري
دولة الرئيس ،
حضرة السادة النواب ،
تتقدم هذه الحكومة من مجلسكم الكريم وهي تدرك حجم التحديات التي يواجهها لبنان نتيجة الظروف الإقليمية الصعبة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.
تؤكد الحكومة بداية على أن لبنان ملتزم بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، بما فيها القرارات الآيلة إلى تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط، غير أنه لا يقبل بأي شكل من الأشكال املاءات إسرائيل وممارستها ومناوراتها الهادفة إلى فرض هيمنتها على كل أرجاء المنطقة. كما أن لبنان مصرّ على حل كل النزاعات الدولية في إطار الأمم المتحدة، وجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
ان لبنان وأكثر من أي وقت مضى متمسك بالشرائع والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها بكل الوسائل المتاحة لها، بما فيها الحق المشروع في المقاومة حتى تحرير كامل الأرض.
تدعو الحكومة إلى انسحاب فوري لقوات الاحتلال من كل العراق، وقيام حكومة وطنية نابعة من إرادة العراقيين الحرة وقادرة على إدارة شؤون العراق وثرواته والحفاظ على وحدته واستقلاله وسيادته وسلامة أراضيه وإلى دور رئيسي – مركزي للأمم المتحدة.
إن الحكومة تؤكد على التضامن مع الشقيقة سوريا لجبه كل الضغوط والاتهامات والتهديدات الموجهة إليها دون وجه حق ، ومنها مشروع قانون محاسبة سوريا المعروض على الكونغرس الاميركي والذي يصيب لبنان بقدر ما يصيب سوريا وأكثر. إن التحديات الراهنة تقودنا إلى المزيد من التعاون والتنسيق مع سوريا لمواجهة مشتركة لتحديات الصراع العربي – الإسرائيلي في المرحلة القادمة ، كما تمت مواجهته في المرحلة السابقة التي عرفت انتصار لبنان ومقاومته الوطنية على إسرائيل وإجبارها على الانسحاب من معظم الأراضي اللبنانية المحتلة من دون قيد أو شرط.
إن استمرار التحديات والمخاطر التي تتهدد لبنان تؤكد استمرار حاجته إلى دعم سوريا وجيشها الذي نعتبر وجوده على أرض لبنان ضرورياً وشرعياً ومؤقتاً تمليه وتحدده الحاجات الاستراتيجية المتفق عليها بين الدولتين.
ولا بد من التأكيد على أن الحكومة مصممة على استكمال تحرير ما بقي محتلاً من أرض لبنان وعلى تحرير أسراه وتأكيد سيادته على مياهه وحقه في التعويض عن الأضرار والجرائم الناجمة عن الاحتلال والاعتداءات الاسرائيلية.
كما أن الحكومة تؤكد التزامها بشكل واضح بتلازم المسارين اللبناني والسوري في الصراع العربي – الإسرائيلي من كل جوانبه، وتحرير كامل هضبة الجولان إلى حدود الرابع من حزيران من عام 1967، ودعم انتفاضة الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وحق عودة الفلسطينيين ورفض توطينهم تحت أي شكل من الأشكال ولأي ذريعة من الذرائع والتمسك بقرارات القمة العربية التي عقدت في بيروت.
إن العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا هي خيار ثابت ومصيري يمليه التراث والتاريخ والجغرافيا والآخاء والمصالح المشتركة ، وليست رهاناً موسمياً يتوقف على الظروف ، والحكومة مصممة على تعميقها سياسياً وثقافياً وتطويرها اقتصادياً وعلى تعزيزها عن طريق إنجاز المشاريع المشتركة وتنظيم تبادل التسهيلات والخدمات والخبرات في إطار معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق اللبنانية - السورية ومؤسساتها. كما أن الحكومة حريصة على تعزيز التعاون الثنائي والجماعي بين الدول العربية بهدف قيام تكتل اقتصادي عربي كبير في زمن التكتلات العملاقة والاقتصادات المفتوحة.
تعتزم الحكومة المضي في تعزيز علاقات لبنان بأصدقائه في العالم وبالدول الصديقة والمنظمات الدولية وفي مقدمها الاتحاد الأوروبي لتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية معه.
إن الحكومة تتمسك بقوة بالثوابت والمسلمات العائدة لمبادئ السيادة والاستقلال والحريات، والتمثيل الديموقراطي الصحيح التزاماً بوثيقة الوفاق الوطني وبنصوص الدستور، وتأمين الانماء المتوازن لكل المناطق .
وتدرك الحكومة أن تعزيز الوحدة الوطنية والإنماء المتوازن والعدالة الاجتماعية والشفافية المالية والإدارية هي من أسس الاستقرار والازدهار.
إن الحكومة ستبقى حريصة على ضمان تعزيز استقلالية القضاء بما يؤمن للمواطنين الضمانة الحقيقية لحقوقهم وحريتهم .
والحكومة ، إذ تؤكد على أهمية الأمن والاستقرار ، ولاسيما في هذه الظروف الإقليمية الدقيقة، تلتزم بدعم القوات المسلحة من جيش وقوى أمنية أخرى وذلك بتوفير ما تحتاجه هذه القوات وضمن الإمكانيات المالية المتاحة لتمكينها من القيام بمسؤولياتها الداخلية ضمن القوانين والأنظمة المرعية الإجراء وبإشراف وتوجيه من مجلس الوزراء .
إن الحكومة ستولي المغتربين اللبنانيين أهمية خاصة، وستعمل على إحياء المؤسسات اللبنانية الاغترابية ووحدة الجامعة الثقافية اللبنانية في العالم لمؤازرة الدور الدبلوماسي اللبناني وتفعيله ولدعم الاقتصاد الوطني .
ان الدولة اللبنانية ليست مسؤولة فقط عن استقرار الوطن وأمن المواطن، بل هي مسؤولة أيضاً عن رعاية الانسان اللبناني، والسهر على تنميته وترقيه، وتلبية حاجاته المعيشية الملحة، وضمان حقوقه وفي مقدمها حقه في التعليم والصحة والبيئة السليمة ، والسعي لتأمين فرص العمل والمسكن وضمان الشيخوخة. إن القضية الوطنية مرتبطة عضوياً بالمسألة الاجتماعية، والمسألة الاجتماعية مرتبطة مباشرة بالمشاكل الاقتصادية والمالية.
حضرة النواب ،
لقد حقق لبنان من خلال البرنامج المالي والاقتصادي الذي اعتمده في العامين 2001 و2002 تقدماً ملموساً في عملية إصلاح الوضع المالي وتفعيل حركة الاقتصاد.
وقد أسهم في تحقيق هذا التقدم انعقاد مؤتمر باريس-2 الذي ما كان له أن ينعقد أو أن ينجح لولا الجهود التي سبقته لجهة السير في عمليات الإصلاح المالية والاقتصادية ولولا الاستقرار والمصداقية والاستمرار في الالتزام بما تعهدت به الحكومة السابقة أمام اللبنانيين وأمام المجلس النيابي وأبلغته إلى المشاركين في مؤتمر باريس لجهة الالتزام بمتابعة الإصلاح المالي والاقتصادي والالتزام بتخفيض العجز .
إن التطورات الإيجابية التي تحققت حتى الآن أسهمت في تعزيز الثقة بلبنان واقتصاده وأظهرت بوضوح صوابية الخط والبرنامج والإجراءات التي اعتمدتها الدولة اللبنانية لتصحيح المالية العامة ومعالجة الشأنين الاقتصادي والاجتماعي وفتحت أمام لبنان فرصةً سانحةً يجب التضامن من حولها وعدم تفويتها والدفع بعزيمة أكبر لتعميقها بما يعزز الاستقرار المالي والاقتصادي.
ويتوازى هذا التقدم الحاصل، مع التحدي المستقبلي الذي يظل كبيراً، حيث يشكل الدَينُ العام وعبءُ خدمته، عاملَ ضغطٍ أساسي على الأوضاع الاقتصادية والمالية .
إن الحكومة إذ تدرك دقة الظروف الدولية والإقليمية لاسيما في أعقاب الحرب على العراق وحراجة التطورات الاقتصادية العالمية والتي تطرح جميعها تحديات كبيرة تستوجب من لبنان المثابرة على تحصين وضعه الاقتصادي والاجتماعي بحيث يكونان جاهزين للإفادة من الفرص المتاحة ومن التكيف مع التحولات الاقتصادية والمالية .
لذلك ترى الحكومة ضرورة العمل على تسريع تنفيذ وتعميق برامج المعالجات الاقتصادية والمالية، وتسريع وتيرتها، وإكمالها بإجراءات جديدة محددة وإصلاحات بنيوية إضافية يتوجبُ التقيُّدُ بتنفيذها بكاملها، ومتسلحة لهذه الغاية بما أنجز لتاريخه من تعاون مجلسكم الكريم واستمرار تعاونه في المرحلة الراهنة لتأمين الدعم اللازم والكامل لهذه الخطوات الإصلاحية. ومن ذلك الاستمرار في تخفيض العجز في الموازنة وزيادة الفائض الأولي والخفض التدريجي لمعدلات الفائدة وتقليص حجم الزيادة في الدين العام وتخفيضه بنتيجة أعمال التخصيص وكذلك زيادة معدلات النمو وتعزيز انطلاقة دور القطاع الخاص وزيادة إنتاجيته ومبادراته وسعيه لإيجاد فرص عمل جديدة بما يؤمن آفاقاً اجتماعية أفضل للمواطنين بالتزامن مع مسعى جدي لترشيق القطاع العام وخفض كلفته وزيادة إنتاجيته.
يرتكز الشق الاقتصادي والمالي من برنامج الحكومة على عدة محاور أساسية ومترابطة، وهي:
أولاً: إتمام عمليات التخصيص والتسنيد بشفافية كاملة ، وبمردود مالي مجزي ، يتمشى مع المعايير التي تضعها كبريات المؤسسات المالية الدولية ، مع التأكيد على ان القرار النهائي يبقى لمجلس الوزراء . ان هذه السياسة التي تلتزمها الحكومة لتخفيض حجم الدين العام ولتحفيز النمو وتحقيق منافع اقتصادية ومالية من خلال إدارة أفعل وخدمة أفضل وكلفة أدنى للمرافق التي يجري تخصيصها على أن يكون ذلك كله ضمن إطار يؤدي إلى تحرير هذه القطاعات ويكفل عدم التسلط والاحتكار ومن خلال آلية فعالة لمراقبة المرافق التي يجري تخصيصها بما يسهم أيضاً في زيادة حجم وتعميق السوق المالية في لبنان ، وفتح باب الاكتتاب امام اكبر عدد من اللبنانيين وللصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، مع اعطائهم الوقت الكافي ، للمساهمة في القطاعات قيد التخصيص ، وذلك وفقاً للأصول القانونية الواجب اعتمادها .
ثانياً: تحقيق خفض ملحوظ ومستمر في مجموع الإنفاق العام بما يعزز الجهود المبذولة لضبط الإنفاق الجاري وحصر النفقات الاستثمارية وبالقدر المستطاع على المشاريع الممولة بمعظمها من الخارج والمشاريع ذات الضرورة القصوى بحيث يتم الالتزام الكامل بحدود العجز الذي تم التعهد به أمام مجلسكم الكريم بحيث يتكيف الانفاق وبشتى وجوهه وبشكل كامل مع واردات الموازنة ومع تحقيق عمليات التخصيص .
إن الالتزام بالعجز المحدد في قانون الموازنة للعام 2003 أصبح التزاماً مستمراً يتوجب المحافظة عليه.
وبما أن عملية التخصيص لا زالت قيد الإنجاز حتى تاريخه وبالتالي لم تحقق بعد المردود المالي المتوخى من ورائها، وإلى أن يتم ذلك ، فإن الحكومة ستعمد إلى تكييف حجم الانفاق من الموازنة العامة بما يتناسب وحجم الإيرادات المحققة وذلك من أجل الاستمرار بالالتزام بمبالغ العجز ونسبه.
ثالثاً: استكمال سياسة إصلاح وتحديث النظام الضريبي اللبناني ومعالجة ما يعانيه من مشاكل بنيوية توصلاً إلى تطبيق الضريبة الموحدة على الدخل المحقق في لبنان.
رابعاً: الإستمرار في الحفاظ والعمل على تعزيز الاستقرار النقدي والمالي، الذي هو أحد أهم أسس الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والوطني.
خامساً: متابعة أعمال النهوض الاقتصادي والتنمية بالوتيرة التي تُتيحها إمكانيات الدولة. وباستخدام الأموال والاتفاقيات الموقعة مع المؤسسات الدولية والدول الصديقة وبما جرى رصده من قروض ميسرة بنتيجة مؤتمر باريس-2.
سادساً: استمرار دعم القطاع الخاص، وتشجيعه على العمل والتوسع في إيجاد فرص العمل الجديدة، وتسهيل سُبُل الاستثمار، والبناء على الخصائص الأساسية والميزات التنافسية للاقتصاد اللبناني القائم على تشجيع المبادرة الفردية وعلى الضمانات القانونية للملكية، وتعزيز التوجهات نحو اعتماد اقتصاد المعرفة.
ولذلك فإن الحكومة ستدفع باتجاه إنجاز قوانين وتشريعات سوف تتمنى على مجلسكم الكريم النظر فيها وإقرارها وتتعلق بجملة من الأمور ومن ضمنها:
أ- تعديل أحكام قانون المحاسبة العمومية بما يسهم في تحسين إدارة المالية العامة والإنفاق ويؤدي إلى تعزيز أعمال الرقابة على الأداء. ب- تعديل أحكام نظام المناقصات بما يساهم في ترشيد الإنفاق وتحسين مردوديته. ج- تعديل أحكام قانون التجارة بهدف تشجيع الاستثمار المحلي والخارجي لكي يواكب هذا القانون التطورات والتحولات الجارية على صعيد التقنيات وأساليب الاتصال والتجارة الالكترونية بما يؤدي إلى تعزيز مكانة لبنان في التبادلات التجارية الدولية. د- تطوير قانون البلديات وتعزيز صلاحياتها وإنجاز قانون اللامركزية الإدارية وذلك إيماناً منا بالديمقراطية المحلية وتمكيناً للمواطنين من أن يشاركوا في كل مستويات القرار البلدي والوطني ممارسة ومحاسبة. هـ- وضع تشريع عصري يرعى تجارة الترانزيت ويشجع عليها. و- تعديل بعض أحكام قوانين البناء مما يبسط ويفعل عمل المستثمرين في هذا القطاع الحيوي. ز- العمل على وضع التشريعات اللازمة لقانوني تسنيد الموجودات وهيئات الاستثمار الجماعي والتشريعات اللازمة لتطوير الأسواق المالية بما في ذلك أسواق سندات الخزينة. ح- إنجاز الخطوات القانونية اللازمة لاستحداث الضريبة الموحدة على الدخل وتطوير النظام الضريبي. ط- إصدار قانون عصري للعمل .
أ- تعديل أحكام قانون المحاسبة العمومية بما يسهم في تحسين إدارة المالية العامة والإنفاق ويؤدي إلى تعزيز أعمال الرقابة على الأداء.
ب- تعديل أحكام نظام المناقصات بما يساهم في ترشيد الإنفاق وتحسين مردوديته.
ج- تعديل أحكام قانون التجارة بهدف تشجيع الاستثمار المحلي والخارجي لكي يواكب هذا القانون التطورات والتحولات الجارية على صعيد التقنيات وأساليب الاتصال والتجارة الالكترونية بما يؤدي إلى تعزيز مكانة لبنان في التبادلات التجارية الدولية.
د- تطوير قانون البلديات وتعزيز صلاحياتها وإنجاز قانون اللامركزية الإدارية وذلك إيماناً منا بالديمقراطية المحلية وتمكيناً للمواطنين من أن يشاركوا في كل مستويات القرار البلدي والوطني ممارسة ومحاسبة.
هـ- وضع تشريع عصري يرعى تجارة الترانزيت ويشجع عليها.
و- تعديل بعض أحكام قوانين البناء مما يبسط ويفعل عمل المستثمرين في هذا القطاع الحيوي.
ز- العمل على وضع التشريعات اللازمة لقانوني تسنيد الموجودات وهيئات الاستثمار الجماعي والتشريعات اللازمة لتطوير الأسواق المالية بما في ذلك أسواق سندات الخزينة.
ح- إنجاز الخطوات القانونية اللازمة لاستحداث الضريبة الموحدة على الدخل وتطوير النظام الضريبي.
ط- إصدار قانون عصري للعمل .
أيها الزملاء ،
إذا كانت المواجهة السياسية سمةَ المرحلة الأساس واذا كان الاصلاح الاقتصادي من شروط اكتساب المناعة الوطنية فإن معالجة الشأن الاجتماعي تبقى الضمان الأكيد لاستقرار السياسة وبسط الأمن وتعافي الاقتصاد وبالتالي انطلاق النمو المنشود بمواكبة شعبية تصون شموليته وتؤمن ديمومته.
من هنا تطرح الحكومة عنوان الاحتضان الاستثنائي للواقع الحياتي ليتلازم والظرف الاستثنائي الذي نمرّ فيه. فالرعاية الاجتماعية مدخل إلى الاستقرار الوطني. والاستقرار الوطني مفتاح السلم الأهلي . والحكومة ستسهر على ترجمة هذا المبدأ في الحقول كافة، تعزيزاً للإنماء المتوازن في جميع المناطق اللبنانية وذلك تحصيناً للوحدة الوطنية الحقيقية الممتدة افقياً على امتداد لبنان والمتجذّرة عامودياً في كل شرائح مجتمعه ، بما يرسخ مفهوم الإنماء المتوازن بين جميع المناطق اللبنانية.
والحكومة مصرّة بالتالي على تحقيق هذه الرعاية للمواطنين جميعهم بتناول المسائل التي كانت ولا تزال وستبقى شغلهم الشاغل ومصدر همومهم الأول في حياتهم اليومية، من تأمين التعليم لأولادهم في جميع المراحل إلى توفير الطبابة والاستشفاء لأفراد عائلاتهم إلى معالجة أوضاع الاحتياجات الخاصة، اعاقة أو عسراً أو بطالة أو شيخوخة.
إن الحكومة إيماناً منها بأهمية مشاركة المرأة في كل المجالات ستعمل على تعزيز حضورها في كل المرافق العامة والخاصة وصون حقوقها لتمكينها من القيام بدورها على أكمل وجه.
والحكومة ستسعى إلى تأمين ديموقراطية التعليم توفيراً لتكافؤ الفرص. وسيكون ذلك من خلال تخفيض كلفته ورفع مستواه. وان في نيتها، خلال أشهر قليلة وبتمويل خارجي انجاز أو تلزيم بناء عشرات المدارس في جميع المناطق اللبنانية وفي العاصمة وضواحيها حتى يتأمن التعليم لكل طالب علم، آخذةً بعين الاعتبار أهمية ربط التعليم بجدواه وبما يتطلبه سوق العمل وحاجات الإنتاج حاضراً ومستقبلاً وما يؤدي إلى تفعيل عملية التنمية الشاملة في الداخل .
والحكومة تدرك في هذا السياق ضرورة رعاية الشباب اللبناني لتجاوز الواقع الضاغط ولتمكينهم من صنع المستقبل الواثق. والشباب هم باب لبنان إلى المستقبل إذا هاجروه ، كما يحصل في الوقت الحاضر، يخسر لبنان مستقبله وعقله ومعرفته وقدرته وطاقته على الاستمرار.
أما بالنسبة للجامعة اللبنانية ، فإن الحكومة ستستمر في العمل على رفع مستواها واستكمال بناء صرحها الجامعي في الحدث وبناء الجامعة الموحدة في كل من الشمال والبقاع ، وستبقى الحكومة معنية بالحفاظ على الاستقلال الأكاديمي والإداري للجامعة، وعلى تعزيز المردودية العلمية والاقتصادية والاجتماعية للإنفاق على الجامعة اللبنانية.
واذا كان رفع شأن التربية والتعليم كماً ونوعاً وضرورة ربطه بمتطلبات سوق العمل والتنمية الاقتصادية يؤمن ادراك واستيعاب اجيالنا الجديدة لمتغيرات العصر، فإن الاهتمام بصحة المواطنين يشكل هو أيضاً جزءاً من التراث الديموقراطي اللبناني كون الصحة حق من حقوق الانسان. ولبنان الذي يعتز بأنه وفّر، الى حد بعيد وبأدوات مختلفة الاستشفاء للجميع والدواء للأمراض المزمنة والمستعصية لا يزال يطمح إلى تحسين مستوى ونوعية الخدمات الصحية وتخفيف فاتورتها لكي يترسخ دور هذا القطاع الرائد على المستويين الوطني والعربي. ولتحقيق هذه الغاية ستقوم الحكومة فوراً بتعميم تجربة استقلالية المستشفيات الحكومية على كل الوحدات المنتشرة في لبنان كما وستجعل من المستشفيات الحكومية الجامعية المرجع الطبي والتعليمي الرفيع للقطاعين الرسمي والخاص وعلى مستوى المنطقة العربية بكاملها.
وفي الحقل الاجتماعي، فإن الحكومة ستوفّر للوزارات المعنية وفي طليعتها وزارة الشؤون الاجتماعية امكانيات تطوير خدماتها ، المباشرة منها ، أو تلك التي تؤمنها من خلال القطاع الأهلي، وتؤكد في هذا المجال سعيها المستمر إلى دعم وتفعيل دور الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية بحيث يتكامل دورها مع دور القطاع العام . كما أن الحكومة ستولي شؤون العمل أولوية مطلقة تطويقاً لظاهرة البطالة.
ومن أجل المحافظة على حقوق العمال في حاضرهم ومستقبلهم، ستعمل الحكومة في الأسابيع القادمة على حسم القضايا العالقة في مؤسسة الضمان الاجتماعي بتشكيل مجلسه ولجانه وإقرار التشريعات المطلوبة والاصلاحات المنتظرة والتقديمات المرجوة، كما والضمانات التي تحفظ لهذا المرفق الوطني الحساس ديمومته وتوازنه وشفافيته . وامام الحكومة طبعاً ورشة كبرى تتعلق بقوانين الشيخوخة وسلامة العمل وضمان حوادثه، واحياء وتفعيل المؤسسات الثلاثية التكوين لاسيما المؤسسة الوطنية للاستخدام واللجنة التحكيمية والمجلس الاقتصادي الاجتماعي بغية تفعيل الحوار الاجتماعي في لبنان.
وإذا كانت مشاكل الاسكان في طريقها إلى ايجاد الحلول المتنوعة والمؤاتية لها، تسليفاً وإقراضاً وتعويضاً ومن خلال قانون عصري ومتوازن للإيجارات هو، الآن ، بعهدة مجلسكم الكريم ، فإن الحكومة مدركة بأن أوضاع المحيط البيئي تتطلب التزاماً شاملاً رسمياً وشعبياً . وهي ستولي هذا الشأن اهتماماً مميزاً حفاظاً على صحة المواطنين وعلى مصادر المياه وحماية لاقتصادنا السياحي والزراعي والصناعي.
وستعمل الحكومة على تفعيل وترسيخ دور وزارة البيئة عبر العمل على استصدار القوانين والمراسيم التطبيقية المتعلقة بدورها التخطيطي والتنفيذي والرقابي، كما فيما يتعلق باستصدار قوانين الكسارات والشواطئ والمحميات وحماية الينابيع وغيرها.
والحكومة ستمضي ، ضمن الامكانيات المتوافرة في استكمال وصيانة شبكات الطرق ، وهي ترى أن من أولى مهامها استكمال الأوتوسترادات التي تربط العاصمة بالمناطق شرقاً وشمالاً حتى الحدود مع الشقيقة سوريا لترسيخ موقعنا في اقتصاديات الغد العربي. وعلى صعيد النقل فهي ستعمل على تطوير التكامل بين دور القطاعين العام والخاص لتأمين التغطية لكل المناطق اللبنانية، واستكمال شبكة الطرقات في المناطق المحررة .
أما النقل الجوي الذي عرف نقلة نوعية بفتح الأجواء وبتعافي شركتنا الوطنية وبتشغيل كامل أقسام مطار بيروت وبإعداد قوانين بتنظيم الطيران المدني، فإنه سيبقى موضع اهتمام خاص لارتباطه الوثيق بتطوير السياحة والنقل وترسيخ دور لبنان المحوري في المنطقة.
إن الحكومة في معرض وفائها والتزامها تحصين الاستقرار الداخلي ترى من الضرورة بمكان السعي إلى إعادة الحياة إلى طبيعتها في المناطق المحررة وتثبيت واستقرار المواطنين فيها باستكمال دفع التعويضات عن المنازل المتضررة والمدمرة.
في ختام الكلام عن الشأن الاجتماعي لا بد من التأكيد مرةً أخرى على أهمية وضرورة اقفال ملف المهجرين الذي يعتبر جزءاً من قضية عودة الوطن إلى ذاته وعافيته. ولأن هذه القضية الوطنية الكبرى التي وضعتها وثيقة الوفاق الوطني في قمة الأولويات تتطلب الاسراع في حسم آخر مراحلها ، بإنجاز المصالحات وإخلاء الممتلكات المشغولة وتعويض الأضرار ، فإن الحكومة ستعمل على توفير مستلزمات العودة وإعادة البناء لتمسح آخر جراح الأحداث الأليمة بما يلغي نهائياً رواسبها الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية.
إن استعادة العافية السياسية والنفسية والاقتصادية والبنوية تؤمن للحكومة الجديدة الأرضية الصالحة للاستمرار في استنهاض وتطوير القطاعات الانتاجية، مستفيدة من ميزاتها التفاضلية. فالصناعة التي تتفتح على آفاق الغد التكنولوجي ستجد لدى الحكومة اصراراً على تعزيز إجراءاتها، لدعمها ولتوفير المناخ الاستثماري المناسب لنموها وتسهيل إقامة المنشآت الصناعية خصوصاً المتطورة منها، مركزة على تخفيض كلفة الإنتاج وتوفير التسهيلات المالية المنخفضة الكلفة والدفع باتجاه تحسين الإنتاجية تأميناً لتنافسية المنتجات السلعية اللبنانية. أما السياحة العائدة بسرعة إلى سابق ازدهارها فستستمر الحكومة في سياسة تشجيع الاستثمار فيها مع إيجاد تشريعات وإجراءات تسهم في تطوير القطاع السياحي تشجع وتسهّل القدوم إلى لبنان وتفعل الإعلام السياحي الخارجي وتوسع السوق السياحية اللبنانية لتشمل السياحة الثقافية والصحية والمؤتمرات. وسنعمل على تشجيع نمو وتوسع التجارة التي تشهد تحولات جذرية على صعيد التشريعات وأساليب الاتصال في مناخ عربي ودولي حافل باتفاقات التنسيق والتسويق والشراكة.
أما الزراعة فستحظى باهتمام خاص من الحكومة، المدركة لتداعيات الحصار الذي يواجه هذا القطاع الواقع بين مطرقة التقصير الداخلي وسندان المنافسة الخارجية. ويستدعي هذا الوضع اعتماد سياسات تهدف إلى إيجاد البدائل وإلى حمايات مبرمجة وكذلك إلى دعم بعض زراعاتنا التقليدية مما يسهم في تخفيف المعاناة برفع مستوى الدخل في الأرياف والحد من الهجرة إلى المدن، والاستمرار في برنامج دعم الصادرات الزراعية الذي تقوم به المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات.
كما ستسعى الحكومة إلى مزيد من الاستفادة من ثروة لبنان المائية السطحية والجوفية، والسعي إلى انشاء السدود والبحيرات وإيجاد إدارة عصرية لاستخدام المياه وترشيد استعمالها، كما واستكمال وتوسيع شبكات المياه وتحديثها بالتعاون مع القطاع الخاص.
وستسعى الحكومة أيضاً إلى استكمال استكشاف واستثمار موارد كامنة للطاقة ، من نفط وغاز وغيرها .
ولأن نجاح أي برنامج حكومي يبقى رهناً بادارة حديثة وكفؤة ، فان العمل سيستمر في متابعة المعالجات لمشاكلها والعمل على تطويرها تحديثاً وعصرنة ومكننة وتدريباً وكذلك زيادة إنتاجيتها، عبر تزخيم التنمية الإدارية واعتماد برامج تدريب متخصصة ومستمرة تعمل بهدي من روح العصر وتطوراته السريعة بما يمكنها من تحقيق مهمتها الا وهي خدمة أفضل للمواطنين وتأمين حاجات تطور الاقتصاد ، وضبط وتبسيط أساليب الإدارة وتحجيمها، وتفعيل هيئات الرقابة ، ووضع هيكليات جديدة للوزارات والمؤسسات العامة وتحسين أدائها ودرس مشروع قانون وسيط الجمهورية .
وستعمل الحكومة على استكمال عملية المسح والكيل والمكننة للدوائر العقارية والمساحة، بما يخدم تحقيق الإنماء المتوازن مع الحفاظ على الثروة الزراعية والحرجية والطبيعية والأثرية، وتشجيع أعمال الضم والفرز العام في مناطق الشيوع لتحرير مالكيها من هذا الشيوع.
ايها الزملاء ،
لم تطلق الحكومة في يبانها هذا وعوداً رنانة ، فهي مدركة انها محكومة بمناخ الظروف والتحديات الاقليمية والدولية المحيطة بها.
لذا فان الثقة التي نطلب اليوم من المجلس الكريم ليست للحكومة فقط وإنما للبلاد.
انها للبلاد، من أجل مواجهة هذه التحديات والمخاطر في زمن التحولات الكبرى على صعيدي المنطقة والعالم . وهي ثقة لا نطلبها لانفسنا بل لنحوّلها رسالة الى اهلنا أولاً ثم الى اشقائنا فإلى العالم بان لبنان على صغر حجمه وقله عدده ، كبير في المجاهرة بالحق ، صلب في التمسك بالشرعية ، حازم في المحافظة على قيم الحرية والكرامة والديموقراطية.