الحكومة الخامسة والستون
حكومة الرئيس رفيق الحريري
ثاني حكومة في عهد الرئيس اميل لحود
كلف الرئيس رفيق الحريري بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 4335 تاريخ 26 تشرين الاول 2000
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 4336 تاريخ 26 تشرين الاول 2000
نالت الحكومة الثقة(6 كانون تشرين الثاني 2000) بأغلبية 95 صوتاً، وامتناع 17 عن التصويت
استقالت الحكومة بتاريخ 17-04-2003
وتألفت من
البيان الوزاري
دولة الرئيس ،
النواب الأفاضل ،
تنطلق حكومتنا اليوم على قاعدة اهم الانجازات الوطنية في تاريخ لبنان وهو انتصار المقاومة ، مقاومة كل اللبنانيين للعدوان والاحتلال الاسرائيلي واجبار العدو على الانسحاب والاعتراف بالهزيمة .
ومع هذه الانطلاقة تحيي الحكومة مقاومة وصمود وصبر الشعب اللبناني عموما واهالي الجنوب والبقاع الغربي خصوصا طوال العقدين الماضيين نظرا لما تحملوه من معاناة وقدموه من تضحيات مؤكدة انها ستولي عناية خاصة لتعويضهم انمائيا واقتصاديا الفرص التي بددها الاحتلال والخسائر التي احدثها مع التأكيد على متابعة ملف التعويضات المطلوبة من اسرائيل على مستوى المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية .
وتعتبر الحكومة ان احد اهم اهدافها هو الحفاظ على انجاز المقاومة والعمل على تثميره في كل المجالات مع التأكيد على ان الموقف الاسرائيلي المتمادي في العدوان على لبنان من خلال الاستمرار في احتلال مزارع شبعا واعتقال الاسرى اللبنانيين ، واحتلال الجولان ، والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني بما فيها حق العودة ، وممارسة ابشع انواع الظلم بحقه ، ان هذا الموقف هو سبب التصعيد المفتوح على كل الاحتمالات في المنطقة.
لذلك يهم حكومتنا ان تؤكد انها ستعمل وفقا لقناعة عميقة بأن انتصارنا في الجنوب هو انتصار للعرب جميعا وهو ثمرة نضال وصمود لبناني سوري مشترك يعكس وحدة الموقف والمصير والمواجهة المشتركة للاعتداءات الاسرائيلية على لبنان ونتائجها.
وتسعى حكومتنا الى تأكيد ان المرحلة الحالية ستكون مرحلة ترجمة فعلية لمبدأ وحدة المسار والمصير التي تربط لبنان وسوريا في اطار استقلال وسيادة كل منهما وان هذا المبدأ سيشكل قوة دافعة اساسية لجهة مساعدة لبنان على استكمال تحرير ارضه واسراه وعلى الرفض الفعلي لتوطين الفلسطينيين وضرورة عودتهم الى ديارهم . ولجهة تقدم الموقف العربي وتطور العمل العربي المشترك في مواجهة اسرائيل خصوصا في ظل الانتفاضة البطولية للشعب الفلسطيني وفي ضوء الموقف العربي المصر على ان عملية السلام هي تنفيذ للقرارات الدولية والقانون الدولي وليست تنفيذا للاملاءات الاسرائيلية . هذا الموقف الذي لايمكن ان يتراجع تحت ضغط التهديد الذي تمارسه اسرائيل.
ان لبنان الذي كان قدوة في المقاومة ، بامكانه ايضا ان يكون قدوة في العمل من اجل السلام الدائم والعادل والشامل القائم على استكمال انسحاب اسرائيل من ارضه وتحرير الجولان واستعادة الشعب الفلسطيني حقوقه وفقا لقرارات الأمم المتحدة . وسيستمر لبنان بالسعي نحو السلام ضمن الثوابت الوطنية ، مهما تصلبت اسرائيل في مواقفها ومهما بدت امكانيات السلام ضئيلة هذه الايام . فهذا البلد الصغير في المساحة ، الكبير في التضحية ، يدرك كيف يواجه الاحتلال بالمقاومة ولكنه يدرك ايضا كيف يسهم باصرار في احلال السلام العادل والشامل في المنطقة ، هذا السلام الذي لا يزال هدفا استراتيجيا نعمل من اجله بالتعاون مع اشقائنا العرب واصدقائنا في العالم.
لكن حكومتنا وهي تتطلع الى اليوم الذي يعم فيه هذا السلام وطننا والمنطقة لن تنتظر حلوله كي تبادر للاصلاحات السياسية والادارية والاقتصادية والمالية والاجتماعية الضرورية لاحياء الدورة الاقتصادية ، وللخروج بشكل تدريجي من الازمة الاجتماعية ولترتيب البيت الداخلي بل ستعمل منذ الان لتحقيق ذلك حتى اذا جاءت ساعة السلام ، يكون لبنان مؤهلا للدخول الى عصره قويا معافى قادرا على جبه تحدياته كما على الفوز بثماره . واذا تأخرت الساعة نكون قد وفرنا الحماية المطلوبة للوطن وابنائه.
ولقد جاء تأليف هذه الحكومة بعد انتخابات نيابية عبر خلالها الشعب اللبناني عن تطلعات وامال . نلتزم السير على هديها ايمانا منا بضرورة تعزيز الحريات العامة وتوسيع المشاركة الشعبية وتعميق الممارسة الديموقراطية والعمل على مواجهة اسباب الضائقة الاقتصادية والاجتماعية التي يئن تحت وطأتها اللبنانيون ، موجهين انظارنا نحو المستقبل الافضل الذي يليق بوطننا ويستحقه ابناؤه.
والمستقبل يعني في عرفنا تعزيزا للمسلمات الوطنية القائمة على السيادة والاستقلال والديموقراطية ، وتشجيعا لكل اشكال الحوار والتفاعل بين ابناء الوطن الواحد وتبنيا للحداثة النشطة والمنتجة دون نبذ التراث وسيرا حثيثا على طريق عصرنة التشريعات والمؤسسات بحيث نتمكن من مواكبة تحولات الراهن من الزمن وندفع بوطننا الى تبوؤ الموقع الذي يستحق في المنطقة والعالم انطلاقا من التزامنا بمبادىء الحكم الديموقراطي القائمة على احترام الارادة الشعبية وصون المؤسسات الدستورية واستلهام المصلحة العامة في التشريع والتنظيم . وعلى القضاء النزيه والادارة الفعالة والتلازم الدائم بين طموحات المجتمع الاهلي وسياسات الدولة بما يعزز الاستقرار السياسي في البلاد ويحقق الانماء المتوازن بين مناطقها ويكرس الثقة بين اللبنانيين.
ان حكومتنا تسعى الى تعزيز ثقة المواطن بالدولة وبالنظام السياسي متوسلة للوصول الى ذلك المبادىء والسياسات والممارسات المرتكزة الى :
اولا : الوفاق الوطني واستكمال عودة المهجرين :
ان حكومتنا التي تمثل اليوم امام مجلسكم الكريم هي حكومة تعزيز الثقة بالدولة وبالنظام ، ولذلك فهي تطمح الى ان تكون حكومة تعزيز الوفاق الوطني وتحفيز النمو.
لقد شهدت السنوات العشر الماضية دخولا في عصر جديد للبنان ، هو عصر التشييد والبناء الاجتماعي والسياسي على اساس وثيقة الوفاق الوطني ، والدستور المنبثق عنها . الا ان الحياة السياسية حفلت خلال هذه السنوات بالعديد من النقاشات التي كانت موضوع تجاذب وجدال سياسي ولا سيما تلك المتصلة بمسائل تتعلق بالدستور ، وبالفصل بين السلطات ، وبالتوازن السياسي والانمائي ، وبقوانين الانتخابات.
ان هذه النقاشات امور طبيعية في ظل النظام الديمقراطي المنفتح الذي يعيشه لبنان ، والذي صار تقليدا عريقا من تقاليده . فالنظام الديمقراطي في لبنان هو نظام مشاركة شعبية واسعة .
ان حكومتنا ، مصرة على تناول المسائل التي كانت في روحية الوفاق والتوافق ، والعمل بها وفق الدستور وضمن المؤسسات الدستورية بمبادرات حوارية لكي تأتي الحلول لسائر القضايا المثارة ، حصيلة للتوافق الوطني ، ولتقاليد الحريات والمؤسسات ، والتوازن ، وهي تقاليد ومؤسسات عرفنا في ظلها الاستقرار والازدهار.
وفي هذا الصدد فان الحكومة تتعهد بأعطاء قضية المهجرين الاولوية القصوى ، وذلك بتحصين المصالحات التي تمت واستكمال ما لم يتم بعد وازالة المعوقات الادارية وتأمين التعويضات الكافية والعادلة لجميع المستحقين ، من خلال الاعتمادات التي اقرها مجلسكم الكريم وتوفير مناخات وظروف العودة الفعلية والمستمرة والمنتجة بحيث تنجز الوزارة المختصة بالتعاون مع الوزارات الاخرى ذات الاختصاص والصلة المهمة التي انشئت في سبيلها وتنتفي بذلك علة وجودها.
لقد علمتنا تجارب العقد الاخير ان المشكلات مهما تعاظمت ، فان ارادة الشعب اللبناني في العيش المشترك ، والوفاق ، قادرة على التصدي لها ، وايجاد الحلول الملائمة ، والتحدي هو في قدرة المؤسسات التمثيلية والدستورية على الاستجابة لهذه الارادة ، وبلورتها ، بما يحفظ وحدة مجتمعنا وتضامنه ، وصيانة مصالح فئاته ، وقبل ذلك وبعده : صحة تمثيلنا له.
ثانيا : سيادة القانون وحماية المواطن
لقد اثبتت تجارب اللبنانيين ان وضع الدولة لايستقيم ولا تتأمن حقوق المواطنين وحرياتهم الا في دولة يسود فيها القانون ويحترم.
لذلك سوف تضع الحكومة نصب عينيها العمل على تحقيق دولة يخضع الجميع فيها ، حكاما ومواطنين ، في تصرفاتهم واعمالهم ، لقواعد واضحة ومعلومة منصوص عليها في قوانين-قواعد تراعي حقوق الانسان الاساسية وتحترمها.
ان الدستور اللبناني كرس في اولى مواده الحقوق الاساسية للمواطن ، فنص على ان الحرية الشخصية مصونة وانها في حمى القانون ، وعلى انه لا يمكن ان يقبض على احد او يحبس او يوقف الا وفاقا لأحكام القانون.
ان الحكومة سوف تعمل جاهدة على وضع هذه القاعدة الدستورية موضع التطبيق الفعلي عن طريق تنظيم القضاء وتطوير عمل الضابطة العدلية ، كما ستتقدم من مجلسكم الكريم بمشروع قانون يحدد بوضوح الحالات التي يمكن للقاضي ان يلجأ فيها الى التوقيف الاحتياطي ، مع وضع سقف لمدة التوقيف تأخذ في الاعتبار متطلبات التحقيق للكشف عن الجرائم من جهة ، والحفاظ على حقوق المواطن وحريته وكرامته من جهة اخرى . كل ذلك انطلاقا من ان كل تدبير مانع للحرية هو استثناء للقاعدة العامة التي تقضي باعتبار المرء بريئا حتى ثبوت ادانته ، وهي قاعدة ينتج عنها اعطاء الموقوف احتياطيا والذي تمنع عنه المحاكمة الحق بالتعويض.
ثم ان الحكومة وادراكا منها لاهمية القضاء في دولة القانون ، سوف توليه عناية قصوى من اجل تعزيز استقلاليته.
من اجل ذلك لابد من اعادة النظر في بعض التشريعات القائمة لضمان مزيد من الاستقلالية في العمل القضائي ، وتشديد العقوبة عند التدخل في عمل القاضي ، وتعزيز صلاحية التفتيش القضائي لتمكينه من ازالة الشوائب.
ثالثا : الاعلام والحريات : دور مميز للبنان
ان الحرية والديموقراطية هما اساس نظامنا السياسي ومن خصائص وجود لبنان التي يجب صونها وتطوير ممارستها . وانطلاقا من ذلك تؤكد حكومتنا بأنها ستكون ضامنة للحريات الاعلامية وراعية للحوار الوطني الديموقراطي بين جميع اللبنانيين.
لقد تطور القطاع الاعلامي ، لا سيما المرئي والمسموع منه ، في السنوات الاخيرة تطورا بارزا وهو في حركة نمو مستمر بفعل ثورة الاتصالات ما يفرض مواكبة دائمة له وتطويرا للأنظمة والقوانين منسجما معه . وعلى هذا الأساس ستسعى الحكومة الى تطوير وتفعيل المؤسسات الاعلامية الرسمية والخاصة لتلعب دورها المحلي والخارجي عبر البث الفضائي في ابراز الصورة الحقيقية للبنان كوطن للحرية والحوار والتنوع والثقافة المتفاعلة مع كل الثقافات ، والحضارة المنفتحة على كل الحضارات ، وكمثال في الصمود والتحرير.
والى جانب قطاع الاعلام هناك قطاع الاعلان المهم والمتطور والذي قطع شوطا كبيرا في النمو واستقطب اعداد كبيرة من الشعب اللبناني ، وتوسع اطاره مع توسع انتشار البث الاعلامي عبر الفضائيات المختلفة.
لقد خطا قطاع البث الفضائي والعلاقات العامة والاعلانات خطوات كبيرة ومهمة ، بتوسيع دور لبنان في هذا السوق المتنامي اقليميا وعالميا . ولذلك سيكون من البديهي التركيز على هذا القطاع وتشجيع الخطوات الايلة لنجاحه والتأكيد على اعطائه اكبر هامش ممكن للتحرك ، وتجنب كل ما من شأنه ان يؤذي او يحد من حريته ونموه السريع ومن تعاظم حصته في السوق العربية والعالمية . لقد اصبح هذا القطاع جزءا اساسا من الصناعة الوطنية المتقدمة وفيه مبدعون ومنتجون اصحاب خبرات وكفاءات عالية وصلوا الى اعلى المراكز في العالم.
وسبق للحكومة السابقة ان تقدمت بمشروع قانون لانشاء المدينة الاعلامية وهو قانون رائد بفكرته واهدافه ومفيد لحركة الاقتصاد اللبناني في عملية عبوره الى القرن الحادي والعشرين ، ولكن الحكومة ستعمد الى استرجاع مشروع القانون لاجراء بعض التعديلات عليه بما يجعله متجاوبا مع الهدف الذي من اجله وضعت فكرة المشروع اخذين بعين الاعتبار التجارب المماثلة التي قامت بها دول اخرى في هذا المجال.
رابعا :الاهتمام بالشباب
انطلاقا من القناعة باهمية دور الشباب والرياضة تم استحداث وزارة خاصة لهذا الشأن . وستسعى حكومتنا الى اطلاقها بزخم لتتمكن من استقطاب جميع شباب لبنان واطلاق المبادرات الكفيلة بتعزيز الحوار بينهم وتنمية الروح الوطنية الجامعة والاستفادة من طاقاتهم وخبراتهم وتوفير المناخ الملائم لاشراكهم فعليا في صياغة القرار الوطني ورسم مستقبل لبنان وهم العصب الحقيقي للمجتمع الاهلي وعماد التقدم نحو غد افضل ومن حقهم وواجبهم المشاركة في الحياة العامة بالبلاد ، ومن واجبنا في المقابل حكومة ومجلسا ايلاء قضاياهم كل الاهتمام وتمكينهم من ولوج عصر المعرفة بثقة اكيدة واقرار التشريعات اللازمة لذلك.
ان الشباب اللبناني وفي ظل الازمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة التي يعيشها لبنان ، يواجه ازمة البطالة التي تولد هجرة خطيرة تؤدي الى افراغ الوطن من اصحاب الكفاءات العالية والاختصاصات الحديثة وتدفعهم نحو اسواق العمل في الخارج . ولذلك ستسعى الحكومة الى تحريك الاقتصاد وتحفيز النمو بما يوفر خلق فرص عمل للشباب ويتيح للبنان الاستفادة من طاقات ابنائه.
اما الرياضة التي تحظى باهتمام ومتابعة نسبة عالية من اللبنانيين وتستقطب خصوصا اعدادا كبيرة من الشباب ، والتي تطورت في مختلف المجالات وساهمت في محطات عديدة في تقديم صورة مشرقة عن لبنان من خلال ما حققته فرق لبنانية متعددة وقطاعات متنوعة من انجازات على المستويات الدولية والاقليمية والمحلية ، فان حكومتنا ستعطي هذا القطاع الاهتمام اللازم لتنميته وستوفر المناخات الملائمة لتحديثه واطلاق المبادرات التي تعزز حضوره وتفعل حركة الاتحادات والجمعيات والهيئات المعنية بذلك.
خامسا :دور المرأة
ان حكومتنا وايمانا منها بأن للمرأة اللبنانية دورا اساسيا وجوهريا في تطور المجتمع ستعمل على تشجيعها لتعزيز حضورها في الحياة العامة ومشاركتها الفعالة في الدورة الاقتصادية من خلال :
1-منحها فرصا متساوية في العمل والوظائف وفي كل المرافق العامة والخاصة.
2-صون حقوقها من خلال القوانين والتشريعات التي تمكنها من القيام بدورها على احسن وجه.
سادسا :تعزيز دور الجمعيات الاهلية
ان حكومتنا تؤكد سعيها الى تفعيل دور الجمعيات الاهلية والمنظمات غير الحكومية لتتكامل طاقاتها وامكاناتها مع امكانات الدولة لبناء وطن قوي معافى.
سابعا :الثقافة
ان الثقافة هي رأسمال لبنان الاول . وهدفنا نقل البلاد الى مستوى الاسهام الفعال في اقتصاد المعرفة الذي بات اسرع القطاعات الاقتصادية نموا مع ما يقتضيه هذا الجهد من حرية انتقال المعلومات والاستثمار في العنصر البشري والاستفادة من الخبرات اللبنانية في دول الانتشار .
وستسعى حكومتنا في المجال الثقافي لاقرار قانون عصري لهيكلية الوزارة المختصة ولتأهيل المواقع الاثرية التي يفخر بها لبنان ولتعزيز السياحة الثقافية وللعمل كي تكون قمة الدول الفرنكوفونية التي ستعقد في لبنان بعد نحو عام حدثا عالميا مشهودا مما يسهم في تعزيز علاقات لبنان السياسية والاقتصادية والثقافية مع اكثر من خمسين دولة . ويقيننا ان لبنان ، بكفاءته ومواهب ابنائه قادر على ان يكون نجما لامعا في فضاء الثقافة العربية التي ينتمي اليها والتي اسهم نوعيا في نموها وستقوم حكومتنا على تشجيع الابداع الفني والفكري في مجالات الرسم والنحت والمسرح والموسيقى ، وفي مجال صناعة الكتاب وتصديره كما في مجال الانتاج التلفزيوني بحيث يستعيد لبنان تماما مكانته الرائدة في قلب الثقافة العربية المعاصرة . واذا كانت حرية الفكر والابداع مكفولة في الدستور والقوانين ، فان من مهمات حكومتنا تشجيع وصول انتاج ادبائنا وفنانينا الى ابناء المنطقة والعالم مما يعود بالنفع الكبير على صورة لبنان كما على اقتصادنا الوطني.
دولة الرئيس ، السادة النواب ،
ان البلاد تشهد ازمة اقتصادية واجتماعية ، ناجمة عن تراجع وتائر النمو ، وحلول الركود ، وهي لذلك تعاني من عجز الموازنة والزيادة في الدين العام.
لقد اثبتت التجارب السابقة صعوبة تخفيض الانفاق العام المتمثل اساسا بالنفقات المترتبة من جراء خدمة الدين العام ورواتب العاملين في الدولة . الا ان هذه الحقيقة يجب ان لا تمنعنا من السعي الى اعتماد خطة طويلة الأمد لترشيد الانفاق وتخفيضه في المجالات الممكنة . في ضوء ذلك تعتزم الحكومة حصر الزيادة في الانفاق في المجالات الضرورية وخاصة تلك التي تسهم وتؤدي الى تفعيل الحركة الاقتصادية وتحفيز النمو وكذلك المحافظة على مستوى التقديمات الاجتماعية.
استنادا الى ما تقدم فانه لا بد من مقاربة مشكلة العجز في الموازنة من خلال تفعيل الدورة الاقتصادية وتحقيق النمو المستدام وتفعيل الجباية الذي يؤدي بمجمله الى زيادة ايرادات الخزينة والتخفيض التدريجي في نسب ومبالغ العجز في الموازنة.
انطلاقا من ذلك فاننا نعتقد ان السياسات المحفزة على النمو تمثل الوسائل الانجع لمعالجة مشكلة العجز فالنمو الاقتصادي يتيح للدولة اقتطاع حصة اكبر من الدخل الوطني لصالح الخزينة ، دون ان يؤثر ذلك على مستوى دخل المواطنين ودون ان يتطلب زيادة في معدلات الضرائب والرسوم.
لذلك فأن الحكومة ستعتمد جملة من السياسات ومشاريع القوانين والاجراءات المحفزة للقطاع الخاص ومبادراته وبالتالي على تحقيق نمو مستدام في الاقتصاد الوطني ، ومن اهمها :
1-وضع مشاريع قوانين جديدة تسهم في تهيئة المناخات الملائمة للاستثمار.
2-اطلاق العمل في المشاريع المجمدة اوالتي تباطأ العمل فيها والتي تتوفر لها موارد من قروض ميسرة.
3-العمل على تعزيز الثقة في حاضر ومستقبل الاقتصاد اللبناني بما في ذلك العمل على تسويق وترويج السلع والخدمات اللبنانية محليا وخارجيا لدى شركائنا التجاريين الخارجيين.
4- اعتماد السياسات الآيلة الى تحقيق المزيد من الانفتاح في الاقتصاد اللبناني بما في ذلك اعتماد سياسة الاجواء المفتوحة وتسهيل الحصول على اجازات الدخول الى لبنان واتخاذ الاجراءات الآيلة الى خفض الحواجز الجمركية وازالة العوائق غير الجمركية.
5-تبسيط الاجراءات الادارية وتسريع انجاز المعاملات وتفادي الروتين الاداري.
6-العمل على تخفيض بعض الرسوم والضرائب ورسوم الاتصالات بما يؤدي الى المزيد من التحفيز للحركة الاقتصادية.
7-العمل والاوروبية ومنظمة التجارة العالمية.
;8-العمل على تحسين الجباية لحقوق الخزينة.
9-اعتماد مبدأ الخصخصة للمشروعات والمرافق التي يكون في خصخصتها مصلحة للاقتصاد والمواطنين واستعمال حصيلتها في تخفيض الدين العام.
10-التأكيد على المبادىء الاساسية التي ارتكز عليها اقتصاد لبنان كما والتأكيد على الاستقرار التشريعي واحترام الدولة لموجباتها والتزاماتها وتعهداتها.
11-منح المكافات وبعض الاعفاءات للمؤسسات التي تحصل على تصنيفات لمنتجاتها وخدماتها صادرة عن المؤسسات الدولية المعنية مثل ال
ان التحدي الاكبر الذي يواجه لبنان في المستقبل ، هو تفعيل اقتصاده الحر ليصبح اقتصادا تنافسيا غايته تطوير طاقات اللبنانيين وقدراتهم وانتاجيتهم في سياق التوجهات الجديدة للاقتصاد وتأمين فرص عمل للمواطنين ، وتحسين المستوى المعيشي من خلال انماء متوازن وشامل.
ان المواطنين يتوقعون منا التصدي لهذه التحديات ، وقد يبالغ بعضهم فيراهن ، تحت وطأة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية القاسية ، على اجتراح حكومتنا لحلول سحرية تنقل الواقع الاقتصادي والاجتماعي من حال الى حال. ولأن الحكومة ليست في وارد الدخول مع الرأي العام اللبناني ، ومع مجلسكم الكريم ، في اي شكل من اشكال الوعود الوردية ، فقد رأينا ان نلتزم امامكم وامام الشعب اللبناني بالعمل على مواجهة الازمة وبذل كل المستطاع في سبيل تجاوزها وفقا للأسس الاتية :
اولا :الاستمرار في الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي ، الذي اثبتت السنوات الماضية انه ، كان وما يزال احد اهم اسس الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
ثانيا :متابعة ورشة الاعمار والنهوض الاقتصادي. لتحفيز النمو وذلك بالوتيرة التي تتيحها امكانيات الدولة ، والثقة بالقدرات الفائقة للشعب اللبناني. مستخدمين الاموال والاتفاقيات الموقعة مع المؤسسات الدولية والدول الصديقة.
ثالثا : الخصخصة : اننا نرى في الخصخصة واحدة من السياسات التي نلتزمها لتحفيز النمو وتحقيق منافع اقتصادية من خلال ادارة افعل وخدمة افضل وكلفة ادنى للمرافق التي يجري تخصيصها فضلا عن كونها تسمح اطلاق حرية المبادرة على اوسع نطاق مستفيدين في تطبيقها من خبرة تجارب عالمية مماثلة تمتد على نحو عقدين من الزمن ، وهي خبرة تدفع لاستخلاص العبر الكثيرة . والتخصيص الناجح هو الذي يأخذ بعين الاعتبار نوعية القطاع المنوي تخصيصه لاختيار الطريقة المناسبة لانجاز التخصيص . لقد اثبتت الخصخصة نجاحها في المجالات التنافسية كالبيع المباشر لمستثمرين استراتيجيين وفق شروط محددة تضعها الدولة اضافة الى البيع للجمهور ، وتحويل بعض المنشآت الى شركات مساهمة يشترك فيها القطاع الخاص بنسب مختلفة ، وطريق الامتيازات ;في المجالات التي تتمتع بالحصرية ، وطريقة ال الطرائق المماثلة ، في المجالات الاقتصادية الجديدة التي تحتاج لتوظيف رساميل كبيرة يساهم فيها اللبنانيون والمقيمون والمغتربون على ان يكون ذلك كله ضمن اطار يكفل عدم التسلط والاحتكار ومن خلال آلية فعالة لمراقبة المرافق التي يجري تخصيصها.
رابعا :دعم القطاع الخاص ، وتشجيعه وتحفيزه على العمل والتوسع وخلق فرص العمل الجديدة ، وتسهيل سبل الاستثمار ، عن طريق الاستفادة والبناء على الخصائص الاساسية والميزات التنافسية للاقتصاد اللبناني القائم على تشجيع المبادرة الفردية وعن طريق الضمانات القانونية للملكية ، وتعزيز التوجهات نحو اعتماد اقتصاد المعرفة وتعزيز الاستقرار التشريعي والضريبي.
لذلك فان الحكومة تعتزم الاستمرار بقوة في تهيئة المناخات الضريبية والجمركية والقانونية والادارية الكفيلة بالدفع الى الاستثمار في المجالات الانتاجية المختلفة . والسير باتجاه عقد اتفاقية الشراكة الاوروبية المتوسطية والانضمام الى منظمة التجارة العالمية . كما تعتزم المضي بعقد الاتفاقيات الثنائية والجماعية مع الدول العربية والمناطق الحرة ، والمناطق الصناعية ، ودعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة ، ومؤسسات صناعات التطوير ، ومشروعات الاقتصاد والتكنولوجيا الحديثة للكفاءات الشابة.
خامسا :السعي الى معاجة المشكلة المزمنة التي تعانيها الادارة والعمل على ضبطها وتبسيطها وتحجيمها وتطويرها تحديثا وعصرنة ومكننة وتدريبا وكذلك زيادة انتاجيتها ، عبر تزخيم التنمية الادارية وتفعيل دور اجهزة الاصلاح الاداري وهيئات الرقابة وادارة الابحاث والتوجيه وتكريس تعاونها.
ان نجاح اي برنامج حكومي هو رهن بوجود ادارة حديثة ومتطورة وذات كفاءة وفعالية عالية من خلال برامج تدريب متخصصة ومستمرة تعمل بهدي من روح العصر وتطوراته السريعة. هذه الادارة يجب ان تؤمن بأن علة وجودها هو خدمة المواطنين وحاجات تطور الاقتصاد والتنمية والمفسحة دوما للتطور والتطوير ولتحسين مستوى الفعالية والكفاءة ، والمتقبلة لروحية النقد البناء والمحاسبة على اساس الانتاج والكفاءة ومستوى الاداء ونوعيته.
لقد اثبتت التجارب الماضية ان وجود هذه الادارة يتطلب خطة واضحة وعملا مستمرا ووقتا طويلا ويرتبط في الوقت ذاته بقناعة واسهام جميع القوى السياسية والفاعليات وتعاونها لتحقيق هذا الهدف.
ولذلك فأن حكومتنا ستعمل على اقتراح قوانين وتشريعات سوف تتمنى على مجلسكم الكريم النظر فيها واقرارها وتتعلق بجملة من الامور ومن ضمنها :
أ -تعديل احكام قانون المحاسبة العمومية وذلك من اجل تبسيط وتسريع المعاملات الادارية وتحفيزا للمحاسبة على اساس الأداء.
ب - تعديل احكام نظام المناقصات بهدف تبسيطها بما يتفق مع ما هو معتمد في غالبية دول العالم وبما يؤدي الى تبسيط وضبط عملية اجراء المناقصات وتحسين شروط اجرائها ونتائجها.
ج- تعديل احكام قانون التجارة بهدف تشجيع الاستثمار المحلي والخارجي لكي يواكب هذا القانون التطورات والتحولات الجارية على صعيد التقنيات واساليب الاتصال والتجارة الالكترونية بما يؤدي الى تعزيز مكانة لبنان في التبادلات التجارية الدولية.
د- تطوير قانون البلديات وتعزيز صلاحياتها وذلك ايمانا منا بالديمقراطية المحلية وتمكينا للمواطنين من ان يشاركوا في كل مستويات القرار البلدي والوطني ممارسة ومحاسبة.
ه- تعديل قانون الجمارك لكي تستطيع ادارة الجمارك ان تقدم خدمات عصرية وسريعة وفعالة تسهم في تحريك السوق المحلية وتخفيض كلفة السلع والخدمات على اختلافها مما يعزز من امكانات مؤسسات القطاع الخاص على المنافسة.
و- وضع تشريع عصري يرعى تجارة الترانزيت ويشجع عليها.
ز- تعديل بعض احكام قوانين البناء مما يبسط ويفعل عمل المستثمرين في هذا القطاع الحيوي.
ح- تعديل بعض احكام الضمان الاجتماعي لجهة تخفيض رسومه واعادة تحديد مهماته وطرائق ادارته والقطاعات والمجالات التي يغطيها. بما يؤدي الى تخفيض كلفة الاستخدام في لبنان ويسهم في تعزيز حركة خلق فرص العمل الجديدة ولا يؤدي الى الانتقاص من المنافع التي يحصل عليها الموظفون والاجراء.
ط- العمل على اصدار قانون للايجار يعدل بين المالك والمستأجر.
ي- تنظيم وتفعيل الاستشفاء الرسمي. وقد قامت الحكومات السابقة بمقتضى خطة النهوض بتحديث المستشفيات والمراكز الصحية ، واستحداث مستشفيات ومراكز صحية جديدة. وقد قاربت هذه الخطة طور الاكتمال. وينبغي التركيز الان على تشغيل هذه المراكز بكفاءة. ان موضوع الاستشفاء اساسي دائما ، لكنه في ظروف الازمة الاقتصادية والاجتماعية اصبح اكثر الحاحا. فلا بد من عمل جاد ومسؤول يؤدي الى تقديم الخدمات الصحية للمواطنين على اوسع نطاق ممكن ، بفعالية تؤدي الى تخفيض كلفتها.
ان تنامي كلفة الفاتورة الاستشفائية والصحية والدوائية بنسب عالية خلال السنوات الماضية ، غير المترافق مع تحسن مماثل في نوعية التغطية الصحية للمواطنين وفي اسس الصحة الوقائية ، اصبح يستدعي معالجة سريعة. لذلك نرى ضرورة اتخاذ قرار جريء باخراج القطاع الصحي من دائرة التجاذبات لضمان موضوعية المعالجة بحيث تصبح وزارة الصحة الجهة الاساسية المعنية بالصحة والتخطيط للمستقبل تمهيدا لاعتماد الادوات والوسائل الكفيلة بتأمين مستوى افضل من التغطية الصحية للمواطنين وبقدر اعلى من الكفاءة والفعالية للموارد المادية والبشرية المخصصة لهذا المجال.
ك- تعزيز قدرة لبنان التنافسية في قطاع المعلوماتية وذلك من خلال اعادة النظر بالتشريعات الموجودة وتطويرها لتراعي المقاييس العالمية ، ومن خلال تحديث البنية التحتية للاتصالات والمعلوماتية وتطويرها ، واعادة النظر بكلفة استعمالها. هذا الى جانب تعزيز التزام لبنان بمبادىء حماية الملكية الفردية مما يفسح في المجال لجذب اصحاب الكفاءات الى لبنان واستخدامه من قبلهم كنقطة انطلاق نحو اسواق المنطقة.
سادسا :في الزراعة والتصنيع الزراعي
على الرغم من النسبة الكبيرة من المواطنين الناشطين في مجال الزراعة ، فان نسبة اسهام هذا القطاع في الناتج الوطني العام تستمر في التراجع. ويعود ذلك الى امور ثلاثة :ضآلة الاستثمار في التحديث الزراعي وفي تنويع المحاصيل ، عدم قدرة الانتاج اللبناني على المنافسة ، وضآلة الاستثمار في التصنيع الغذائي. ان الحكومة تعنزم العمل على حل مشكلة الري ، وتشجيع التصنيع في المجال الزراعي كما في المجالات الاخرى ، والبحث من خلال التعاون الاقتصادي العربي عن اسواق قائمة ومستجدة للمنتجات الزراعية اللبنانية بما في ذلك التعاون مع الشقيقة سوريا لجهة التخصص في محاصيل زراعية معينة بما يعود بالفائدة على البلدين الشقيقين. كما تعتزم تفعيل الارشاد الزراعي ، والزراعات البديلة ، وتشجيع الزراعات ذات المردود العالي. وستعمل الحكومة على تخصيص الاموال اللازمة من اجل تشجيع الصادرات الزراعية.
ان ثروة لبنان المائية جزء اساسي من الثروة الوطنية يجب تطويره وحمايته ووضع استراتيجية لتثميره والاستفادة منه من خلال :
الحفاظ على المياه الجوفية وتعزيزها وحمايتها من التلوث.
1-انشاء مشاريع لاستخدام المياه السطحية كالسدود والبحيرات واستكمال مشروع الليطاني وتنفيذ هذه المشاريع بافضل الطرق وذلك في اطار البروتوكولات للتحويل الميسر المعقود مع الدول والمؤسسات الصديقة.
2-ايجاد ادارة عصريةلاستخدام المياه وترشيد استعمالاتها والتعاون مع وزارة البيئة لهذا الهدف.
3-وضع خطة لتوسيع شبكات المياه وتحديثها في اطار التعاون مع القطاع الخاص بهدف تأمين المياه الى جميع المناطق والاحياء اللبنانية.
سابعا :السياسة الاسكانية
المثابرة على دعم السياسة الإسكانية للدولة ، والمضي في تطبيق القانون المتعلق بالمؤسسة العامة للإسكان ، وتوسيع نطاق الصلاحية ، لكي يطال شرائح جديدة من ذوي الدخل المحدود. وستعمل الحكومة لتوسيع نطاق التعاون ليصبح ثلاثي الجوانب بين المؤسسة العامة للإسكان والمصارف الخاصة وصندوق الضمان الاجتماعي، من اجل الوصول لسياسات طويلة المدى في مجال إسكان ذوي الدخل المتوسط والمحدود.
ثامنا :التربية والتعليم
ان ملف التعليم بكافة أنواعه ومستوياته ذو أولوية قصوى على المستوى الوطني ، من عدة نواح. فهناك الجانب الاجتماعي ، المتعلق بكلفة التعليم والجانب السياسي المتعلق بمبدأ تكافؤ الفرص ، وديمقراطية التعليم وهناك أخيرا وليس أخرا الجانب المتعلق بالمستقبل الوطني ، والتنمية المستدامة والشاملة ، والتي تعتمد على المستوى التعليمي والتطويري لمجموع المواطنين وقدرتهم على استيعاب متغيرات العصر ، والإسهام في المستقبل بكفاءة واقتدار. وستعطي الحكومة الاهتمام الكافي للمدرسة الرسمية لتصبح في مختلف المناطق اللبنانية قادرة على استيعاب أبنائنا الذين قاربت نسبتهم في التعليم الرسمي الى 50 % بالمقارنة مع المدارس والمعاهد الخاصة.
تعتزم الحكومةإعادة النظر في خريطة توزيع المدارس لجهة التركيز وزيادة العدد في بعض المستويات ، كما تعتزم متابعة التقصي بشأن تطبيق البرامج الجديدة واستيعابها وتصحيحها وتطويرها. والنظر في هيكلية الإدارة التربوية ، وفي مشكلات المعلمين لجهة التثقيف والتدريب ورفع مستوى الكفاءة ووسائل التشجيع والرقابة.
وستولي الحكومة اهتماما خاصا للتعليم المهني والتقني بحيث تعمل على تنفيذ خطة بناء المعاهد الفنية والتقنية ، ومعاهد التكنولوجيا المتوسطة والعالية ، وتعمد الى تعزيز برامجه وتصنيف شهاداته بحيث تتلاءم هذه الخطة مع احتياجات سوق العمل كماً ونوعاً.
أما الجامعة اللبنانية ذات الدور الكبير في البناء الحاضر والمستقبلي للبنان. فهي تضم بين جنباتها حوالي ال 60 % من الطلاب المتلقين للتعليم العالي في لبنان. وهي تعاني ما تعانيه المؤسسات التربوية الأخرى.
ولذلك تعتزم الحكومة ايلاءها ، وهي المؤسسة الوطنية العريقة ، فائق عنايتها من خلال إقرارها قانون جديد لها بالتعاون مع مجلس الجامعة ووزارة التربية ، يساهم في رفع مستواها إدارة وأساتذة وطلابا. كما أنها تحرص على استكمال صرحها الجامعي الذي تأخر إنجازه كثيرا. وستظل الحكومة معنية بالحفاظ على الاستقلال الأكاديمي والإداري للجامعة ، وعلى مدها بكل أشكال الدعم الممكن ، بما يحفظ لها هيبتها ومستواها التعليمي ، وحداثة مرافقها ومختبراتها ومكتباتها ومراكز أبحاثها والدراسات ، وبما يؤدي الى قيامها بالآمال المعقودة عليها في حاضر لبنان ومستقبله.
تاسعا :
وضع المشاريع اللازمة والإسراع للاستفادة من الأموال المرصودة لمصلحة لبنان لدى المنظمات الدولية وصناديق الدول الشقيقة والصديقة. وهذا يقتضي الانفتاح القوي على الجهات والمؤسسات العربية والدولية التي ساعدت لبنان ، والتي يمكن أن تساعده. فهناك اتفاقيات وعقود لم تنفذ أو لم تستنفد إمكانياتها وهناك فرص لاستحداث اهتمام متجدد ببلادنا وإمكانياتها وحقوقها أيضا. إن للبنان رصيداً قوياً لدى أبنائه المغتربين ، ولدى الأشقاء العرب ، ولدى البلدان والمؤسسات الإقليمية والدولية ولذلك فإننا سنعمد الى دعوة الدول المانحة لتحمل مسؤولياتها في مساعدة لبنان.
عاشراً :البيئة
إن الحكومة تضع البيئة في أولويات اهتماماتها. فقد أثبتت التطورات الأخيرة في العالم ان القرارات الصائبة بيئياً هي في الوقت نفسه صائبة اقتصادياً إذا كان المقياس حياة الشعوب ومصلحة الأجيال المقبلة وليس الحسابات والمصالح الآنية للأفراد.
نحن ندعو الى حالة طوارئ بيئية في لبنان ، توقف فوراً كل تخريب بيئي ، وتضع سياسة بيئية صريحة وبرنامج عمل محدداً بجدول زمني. والإدارة البيئية التي ندعو إليها ليست ملحقاً يضاف الى البرامج الإنمائية ، بل هي جزء عضوي منها لمعالجة مسائل مثل مصادر تلوث الهواء والماء والفوضى في وجهة استعمال الأراضي وتنظيم الصناعة.
ولا بد من انشاء مؤسسة وطنية علمية للبيئة ، غايتها اجراء البحوث والدراسات المختصة ووضع المعايير. هكذا تصبح السياسات البيئية الوطنية مرتكزة على معلومات موثوقة ، بدل ان تبقى ردات فعل واسعافات اولية لا يتجاوز مفعولها ، في احسن الحالات ، تأجيل المشكلة او نقلها من مكان الى اخر.
ان التنسيق بين عمل وزارة البيئة وسائر الوزارات سيكون كفيلا بايجاد الحلول الثابتة لقضايا الكسارات والمرامل وبتنفيذ خطة توعية شاملة تهدف الى تزويد اجيالنا خصوصا بالمبادىء البيئية معتمدة على البرامج الاعلامية والمدرسية والاهلية.
ان التدابير التنفيذية للسياسة البيئية التي نطمح اليها يجب الا تقتصر على العقوبات وردع المخالفين. فمن الضروري ان تكون الحوافز جزءا اساسيا في اية سياسة عصرية ، بحيث يتم تشجيع الافراد والمؤسسسات على اعتماد اجراءات تحمي البيئة ، باعطائهم الدعم المادي والاعفاءات الضريبية ، الى جانب فرض ضرائب وغرامات على الملوثين.
علينا جميعا ، مواطنين وقادة سياسة وفكر وصناعة وتجارة ، العمل معا من اجل ضمان بيئة معافاة للاجيال القادمة.
حادي عشر :الاشغال العامة والنقل
ان الحكومة عازمة على وضع سياسة جديدة لصيانة الطرق ، بما في ذلك درس امكانية خصخصة بعضها ، بحيث يستفاد من الاعتمادات المتاحة بافضل الاساليب لتأمين فعالية اكبر، وبكلفة اقل، وذلك استنادا الى قاعدة معلومات تعتمد النظام الجغرافي المعلوماتي لتحديد متطلبات الصيانة ووضع اولويات الاشغال.
وفي مجال التنظيم المدني فان الحكومة ستعمل على وضع مخطط عام لاعادة ترتيب الاراضي اللبنانية ، بما يخدم تحقيق الانماء المتوازن مع الحفاظ على الثروة الزراعية والحرجية والطبيعية والاثرية ، وتوسيع اعمال الضم والفرز العام في مناطق الشيوع لتحرير مالكيها من هذا الشيوع.
وعلى صعيد النقل ، فان الحكومة تعمل على رسم سياسة عامة للنقل ، تقوم على ايجاد تكامل بين دور القطاع العام ودور القطاع الخاص من خلال الفصل بين رسم السياسة والاهداف والتنظيم والرقابة من جهة ، والتشغيل من جهة اخرى. فالدور الاساس للدولة هو رسم السياسة وصياغة الاستراتيجية وبلورة الخطوط العريضة للاطر التنظيمية. مع التقليل من دور القطاع العام في عملية تشغيل وسائط النقل. مما يستوجب استصدار تشريعات جديدة تحدد بموجبها الهيئات غير الحكومية المولجة بالتنظيم والرقابة ، وموقعها.
وفي مجال النقل الجوي ، ترى الحكومة ضرورة مواكبة التطور السريع في هذا القطاع ، عبر اعتماد سياسة الاجواء المفتوحة. كما ستعمل الحكومة على انشاء هيئة مختصة بادارة قطاع الطيران المدني.
اما في القطاع البحري ، فاننا نرى ضرورة وضع مخطط للمرافىء التجارية والسياحية
ومرافىء الصيد والنزهة على طول الساحل اللبناني.
وفي مجال النقل البري ، فاننا سنعمل على تحويل مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك من مشغل منافس في القطاع العام الى منظم للقطاع بحيث يتم انشاء شركة تجارية مستقلة تشغل باصات المصلحة ، ويتم وضع المراسيم التنظيمية والتطبيقية لاعادة هيكلة المصلحة بما يتناسب مع دورها التنظيمي والرقابي. وستسعى الحكومة الى تعميم النقل المشترك على كامل الاراضي اللبنانية بما في ذلك القطارات ، مما يسهم في تحريك الدورة الاقتصادية ويخفض فاتورة المحروقات ويحد من التلوث البيئي.
اما في مجال نقل البضائع فسنستمر في العمل على تخفيض رسوم النقل داخليا وعبر الحدود بالتنسيق والتفاوض مع البلدان الشقيقة المجاورة.
ثاني عشر :السياحة
لقد اضحت السياحة صناعة عالمية متطورة تتنافس فيها جميع البلدان ، وتعتمد على رؤية حديثة للمنتوج السياحي الذي بات يتعدى سياحة الاستجمام الى استثمار مخزوننا الثقافي وتراثنا الحضاري والمعرفي وعلى هذا الاساس ستسعى الحكومة الى :
1-تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي والمحافظة على ثرواتنا السياحية والبيئية واعتماد السياسات الآيلة الى ايجاد تشريعات واجراءات تسهم في تطوير القطاع السياحي وتشجع وتسهل القدوم الى لبنان وتفعل الاعلام السياحي الخارجي وتوسع السوق السياحية الثقافية والسياحة الصحية.
2-اعادة تفعيل دور لبنان في المنظمات السياحية الاقليمية والدولية ، وفي طليعتها الاتحاد العربي للسياحة والاتحاد الدولي للمنظمات السياحية الرسمية ، والاتحاد الدولي لجمعيات وكلاء السياحة والسفر.
3-العمل على تحسين المنتوج السياحي والدفع في اتجاه تخفيض كلفته ورفع مستوى كفاءته من خلال تطوير مستوى ونوعية الخدمة لدى العاملين في قطاع السياحة وتدريبهم.
4-العمل على فتح اسواق جديدة وتشجيع التعاون على التسويق السياحي المشترك مع الدول العربية المجاورة.
ثالث عشر :الصناعة
ان الحكومة اذ تعتبر الصناعة قطاعا واعدا ، تعي اهمية الدور الذي يمكن ان يلعبه في عملية النهوض الاقتصادي وزيادة الدخل القومي وايجاد فرص عمل جديدة تجتذب شباب لبنان وتحول دون هجرتهم.
وهي مصممة على اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لتوفير المناخ الاستثماري المناسب لنمو هذا القطاع.
كما ان الحكومة ستولي الاهمية القصوى لتسهيل اقامة المنشآت الصناعية ، مركزة على تخفيض كلفة الانتاج وتحسين الانتاجية ، اسهاما في وتأمينا للقدرة التنافسية.
وهي ستعمل على تشجيع الاستثمارات الجديدة في حقل الصناعات المتطورة ، خصوصا صناعة المعلوماتية والمعارف الجديدة ، وتأمين الاسواق الخارجية لتلك المنتجات من خلال اتفاقيات متوازنة ودور نشط للبعثات اللبنانية في الخارج.
رابع عشر :العمل
ستسعى الحكومة الى قيام افضل العلاقات بين العمال واصحاب العمل. وايجاد مناخ مناسب يساعد على رفع الكفاءة والانتاجية لدى طرفي الانتاج. وتعزيز وتعميم التدريب والتوجيه المهنيين وارشاد الشباب للتخصص في المجالات والمهن التي يحتاجها سوق العمل حاضرا ومستقبلا.
كما وستعمل الحكومة على تشجيع التدريب المهني المعجل في المناطق النائية مما يوفر فرص عمل للشباب في مناطقهم ويحد من هجرة اليد العاملة من الريف الى المدن.
اما في مجال العمل النقابي فان الحكومة ستسعى الى تكريس الحريات النقابية وصونها على قاعدة ان الحركة المطلبية ينبغي ان تكون ملازمة لحركة انتاجية متنامية تعزز الاستقرار الاقتصادي في البلاد وتسهم في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد اللبناني.
ان هدفنا الأول والفوري هو ايقاف التراجع الاقتصادي والاستنزاف تمهيدا لمرحلة قريبة ان شاء الله هي مرحلة تحسن وتائر النمو ، وتضاؤل الآثار السلبية التي احدثها الجمود والانكماش على سائر جوانب ومجالات العملية الاقتصادية في البلاد.
ان المطلوب وبشكل عاجل تغيير مناخ الركود والتشاؤم وليس بالوسع الوصول لذلك الا باطلاق كل قنوات ومسارب العمل المالي والاعماري والاقتصادي ، واطلاق عمليات التطوير والتحديث. وستقوم الحكومة بطلب استرداد الموازنة العامة لتتقدم من المجلس الكريم بموازنة تعكس هذا التوجه.
اننا نعتمد في تجاوز الواقع الصعب ، وفي بلوغ المستقبل المأمول على قدرات الشعب اللبناني ، وعلى الثقة التي يتمتع بها اللبنانيون بانفسهم ومجتمعهم ، ووطنهم ، والتي يمنحونها لدولتهم ونظامهم السياسي.
ان مواجهة هذه التحديات والمتطلبات لا تتم بمعزل عن فهمنا لدور وطننا في محيطه وفي العالم ، ولذلك ستركز الدبلوماسية اللبنانية على تعميق حضور لبنان في وعي العرب والعالم وعلى تعزيز مكانته في المنظمات والمحافل الدولية.
ان القراءة الموضوعية لتطورات الاوضاع في المنطقة اليوم تؤكد اصرار اسرائيل على مواقفها ورفضها الالتزام بتطبيق القرارات الدولية للوصول الى سلام شامل وعادل ، بل واكثر من ذلك بسبب استمرارها في التنكر للاتفاقات التي وقعتها ، ومحاولاتها المستمرة لفرض شروطها ، لذلك فان لبنان يجب ان يكون مستعدا لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة وانعكاسات ما يجري في المنطقة عليه. وهذا يتطلب وحدة وطنية حقيقية وتغليبا للمصالح الوطنية ومصير البلد ومستقبله على اي حسابات اخرى ، كما يستوجب واكثر من اي وقت مضى ترسيخ تحالفه وتعاونه وتضامنه مع سوريا وتعزيز الثقة بين البلدين. ونعتقد واثقين ان التجربة اللبنانية-السورية في التعاون والتنسيق الدائمين اثمرت اهم انجاز في المرحلة الاخيرة من تاريخ المنطقة ألا وهو هزيمة اسرائيل واجبارها على الالتزام بالقرارات الدولية والانسحاب من الارض اللبنانية ، واثبتت صوابية وعمق المضمون الذي استندت اليه في النظر الى الصراع العربي- الاسرائيلي وكيفية ادارة المعركة مع اسرائيل.
واذا كان انجاز التحرير قد ادى الى انسحاب اسرائيل من معظم الاراضي التي كانت تحتلها فانه يجب الا ننسى ان ثمة جزءا من الارض لا يزال محتلا ينبغي استعادته وثمة اسرى ومعتقلون في السجون الاسرائيلية لا بد من تحريرهم اضافة الى ضرورة معالجة قضية الوجود الفلسطيني في لبنان لجهة تثبيت مبدأ رفض التوطين. واقرار حق العودة للفلسطينيين الى ديارهم.
ومن اجل تحقيق ذلك لا يزال لبنان بحاجة الى دعم سوريا ، وجيشها الذي نجدد التأكيد ان وجوده على الارض اللبنانية ضروري وهو شرعي ومؤقت. تمليه وتحدده الحاجات الاستراتيجية المتفق عليها بين الدولتين وفقا للتطورات والمعطيات المتوفرة مؤكدين في الوقت ذاته ان السيادة والاستقلال عنصران اساسيان يحظيان باجماع جميع اللبنانيين ولا نعتقد ان ثمة احدا في وطننا يريد التفريط بأي منهما او ان ثمة احدا اشد حرصا من غيره عليهما. ولذلك ينبغي تعزيز الثقة بين اللبنانيين وتوحدهم حول الثوابت والاهداف الوطنية. كذلك فأن الثقة المتينة بين لبنان وسوريا المبنية على الصراحة والصدق والحرص على المصالح والاهداف المشتركة هي الضمان لأعطاء العلاقات بين البلدين مضمونها الحقيقي وتثبيت وتطوير العوامل الايجابية فيها ومعالجة ما يواجهها من تحديات او يرافقها من ثغرات. اننا بهذه الروحية قادرون على مناقشة قضايانا وطرح افكارنا بعيدا عن التسرع والانفعال.
وعلى هذا الاساس فأن الحكومة تؤكد التزامها في هذا السبيل ، معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين لبنان وسوريا ، وهي المعاهدة التي ستوليها اهتماما خاصا ومتواصلا يكون في حجم العلاقات المميزة والطموحات المشتركة للشعبين الشقيقين ويتيح للصلات الاقتصادية ان ترتقي الى الحجم الذي بلغته العلاقات السياسية. لأن هذه العلاقات تتجاوز حدود التحرير لتؤسس لمستقبل مشترك بين البلدين.
وسيكون ذلك بتنفيذ جدي لبنود المعاهدة والاتفاقات الملحقة وتطويرها لرفع كل العوائق والقيود التي تحول دون توفير مجالات ومناخات تطوير الاقتصاد في البلدين بالتكامل المتكافىء ، خصوصا بواسطة قيام المشاريع المشتركة وتشجيع الاستثمارات وتسهيل انتقال الانتاج في الاتجاهين وتنظيم تبادل الخبرات التكنولوجية والخدمات بما يحقق مصلحة البلدين الشقيقين.
اننا مقتنعون بأن هناك افاقا واسعة للتعاون الاقتصادي بين لبنان وسوريا ، تفتح ابوابا كثيرة لايجاد مجالات واسعة للمؤسسات الانتاجية في البلدين للتكامل والتخصص في منتجات وخدمات جديدة اكثر تنافسية ، وفي اسواق مفتوحة وواسعة ، مما يعود بالنفع الاكيد علينا جميعا.
اما في المجال العربي فستحرص حكومتنا على الاسهام في تعزيز التضامن بين الاشقاء وتقوية اواصر وتعزيز التعاون الثنائي والجماعي. كما تحرص على دعم سياسات التنسيق والتعاون الاقتصادي ، بما يؤدي الى قيام تكتل اقتصادي عربي ، يقوي من جانبنا في زمن المتغيرات ، زمن الاقتصادات المفتوحة والمتطورة.
وتقف حكومتنا ومعها الشعب اللبناني كله من وراء الشعب الفلسطيني ، في انتفاضته من اجل تحرير ارضه ، واستعادة سيادته ووحدته ، واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس ، وعودة لاجئيه. وتستنكر حكومتنا وتشجب الحرب العدوانية التي تشنها اسرائيل على الشعب الفلسطيني ، كما ستعمل حكومتنا بكل جهد على استعادة اخواننا الفلسطينيين لحق العودة الكامل الى بلادهم ، باعتباره حقا مشروعا لهم وفق المواثيق الدولية وقرارات الامم المتحدة. وستبقى الحكومة متمسكة تمسكا مطلقا بما جاء في مقدمة دستورنا من رفض للتوطين باسم اي حجة وتحت اي شكل.
وفي مجال العلاقات مع اوروبا ، تعتزم حكومتنا السير قدما في تعزيز علاقاتنا مع الاتحاد الاوروبي كمنظمة اقليمية ذات شأن في الساحة الدولية ، لا سيما من خلال اتمام مفاوضات الشراكة الاقتصادية معها. كما ستسعى حكومتنا لتعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الاوروبية الصديقة والفاعلة ، بهدف ضمان استمرار دعمها للبنان ولسلامة اراضيه وتوسيع رقعة التعاون الثقافي والتكنولوجي ، والتبادل التجاري.
وفي مجال العلاقة بالقوى العظمى والمنظمات الدولية ، فأن لبنان قد اتبع في السنوات الماضية دبلوماسية نشيطة ، عمادها الزيارات المتبادلة ، والاتفاقيات الثنائية ، والحفاظ على وتيرة اتصالات بالمؤسسات الدولية والاقليمية ، وعلى رأسها الامانة العامة للامم المتحدة. وقد اثمر ذلك استعادة للسمعة والحضور في المحافل الدولية ، كما اثمر في احيان كثيرة دعما للبنان في وجه العدوان الاسرائيلي ، ومن اجل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ، ومساعدة له في عمليات الاعمار والنهوض الاقتصادي.
وتعتزم الحكومة اعادة تنشيط سفارات لبنان في الخارج ، لتوثيق الاتصالات بالبلدان الشقيقة والصديقة ، ولتوثيق الروابط بين لبنان المقيم ولبنان المغترب. وستعمل على مساعدة المغتربين في بلدان اغترابهم لتوحيد صفوفهم وترسيخ التعاون والثقة بينهم وتوظيف امكاناتهم في خدمة قضايا لبنان الوطنية لا سيما قضية التحرير ، وخلق فرص الاستثمار وتشجيع توظيف الرساميل. ومتابعة دعم القضايا اللبنانية والعربية لدى الدول الكبرى والمؤسسات الدولية والاقليمية.
النواب الافاضل ،
ان الثقة بالبلاد تبدأ بثقتنا بانفسنا وبشعبنا ، وبنظامنا السياسي ، وبقدرتنا على مواجهة التحديات ، وحكومتنا الماثلة امام مجلسكم الكريم تتخذ لنفسها شعار تعزيز ثقة المواطن بالدولة وبالنظام السياسي الديمقراطي البرلماني.
انها ثقة نحتاجها ونطلبها من اجل استكمال التحرير ، ومن اجل اعمار المناطق المحررة ، ونظمها في عمليات التنمية الوطنية.
وهي ثقة نحتاجها ونطلبها من اجل مواجهة التحديات الكبرى في زمن التحولات ، على مشارف القرن الواحد والعشرين. تحديات التطوير والتحديث , وتحديات الاعمار الانساني ، والتنمية المستدامة والشاملة ، وتحديات بلوغ مستوى القدرة على المنافسة ، وتحديات التميز والتقدم في المنطقة العربية ، وفي العالم الواسع.
لقد تشكلت هذه الحكومة بفضل التعاون المستمر والبناء مع فخامة رئيس الجمهورية ، واردناها معا ان تكون ممثلة لمعظم التيارات والفئات السياسية والمناطقية. لذلك فان طموحنا ان تحظى هذه الحكومة بدعم كل اللبنانيين ، وان نكون في عملنا اهلا لثقتهم.
تتقدم الحكومة اليوم ،من المجلس النيابي ، مصممة على التعاون والتضامن ، ونطلب استنادا الى ذلك ، وعملا بالدستور والاعراف ، ثقة المجلس الكريم ، من اجل الانطلاق في عملها ، تلبية لحاجات الشعب اللبناني ، واستجابة لطموحاته ، ومواجهة للمتطلبات والمهام الوطنية التي تنتظرنا مجلسا وحكومة.
عشتم ، وعاش لبنان
التاريخ:30 تشرين الأول 2000