الحكومة رقم 53
حكومة الرئيس سليم الحص
ألحكومة الثانية في عهد الرئيس الياس سركيس
كلف الرئيس سليم الحص بتأليف الحكومة بموجب المرسوم رقم 2211 تاريخ 16-7-1979
تشكلت الحكومة بموجب المرسوم رقم 2212 تاريخ 16-7-1979
نالت الحكومة 54 صوتا ضد 9 اصوات
استقالت الحكومة بتاريخ 25-10-1980
وتألفت من
وقد جرت عليها التعديلات التالية:
البيان الوزاري
حضرة النواب المحترمين
ان الحكومة التي لها شرف المثول امامكم طالبة ثقتكم الغالية لهي فريق عمل موحد الرغبة والارادة في مجابهة ماساة لم يشهد تاريخنا لها مثيلا ، ماساة لها اسبابها الخارجية والداخلية . غير انه لا يمكن مواجهة تلك الماساة الا بتحقيق وفاق وطني يتيح لنا ، جميعا ، التصدي ، قدر الامكان ، للاسباب الخارجية والقضاء تدريجيا على الاسباب الداخلية .
وهذا الوفاق ينطلق من القناعة بأن ما يوحدنا اقوى مما يباعد بيننا ويتحقق اذا استطعنا ، مجلسا وحكومة ، توجيه المواطنين نحو نظرة مستقبلية واحدة للبنان ولدوره العربي والدولي وذلك عن طريق العقل والفكر لا العنف والإكراه ، وتوفير الامن والاستقرار وخلق جو من الثقة المتبادلة ووضع حد لأي ممارسة تتنافى مع السيادة وارساء قواعد الديمقراطية الحقة بما تعني من عدل وحرية مسؤولة ومساواة بين اللبنانيين في الحقوق والواجبات ، وذلك من خلال تشريعاتنا واعمالنا .
لن نعدكم بتحقيق المعجزات واجتراح العجائب ، الا انه لا بد ان تزيدنا ثقتكم تحسسا بضخامة المسؤولية الملقاة علينا في هذه الظروف العصيبة .
في طليعة المعضلات التي تواجهنا قضية الجنوب ، وما يتعرض له من عدوان وما حل به من نكبات ، وقد قامت حكومتنا باتصالات على الصعيد الدولي لمعالجة هذا الوضع الخطير وستواصل السعي لتنفيذ مقررات مجلس الامن الدولي وبصورة خاصة القرارين 425 و450 .
ان احدى غايات الاعتداءات الاسرائيلية احراج القوات الدولية وذلالها وتحطيم معنوياتها وحملها بالتالي على الانسحاب من الجنوب .
لذلك ستدأب حكومتنا على السعي لتفويت هذه الغاية على اسرائيل من خلال التعاون مع الامم المتحدة وقواتها في الجنوب .
ويطيب لنا بهذه المناسبة ان ننوه بالدور الذي قام به الجيش تحت التصرف العملاني لقوات الامم المتحدة وان نوجه الامتنان الى مجلس الامن الدولي والى أمين عام الامم المتحدة والى الدول التي اشتركت في تكوين هذه القوات .
اننا نؤكد ان حكومتنا تولي قضية الجنوب ما تستحقه من اهتمام . وان هذه القضية - وهي مسؤولية عربية ايضا - بحاجة الى مزيد من الدعم العربي على كل الاصعدة . واذا صح ان قضية الجنوب مرتبطة الى حد بمعضلة الشرق الاوسط ، فيجب ان لا يحول ذلك دون عملنا على معالجة الازمات الناشئة عن العدوان الاسرائيلي . وعن ضبط الممارسات التي يتخذها المعتدي ذريعة ولو باطلة لتبرير اعتداءاته .
ان حومتنا تؤكد اصرارها على ان تستعيد الدولة سيادتها على الجنوب بمساعدة مجلس الامن وقوات الطوارى ء الدولية وعلى ان تستعيد سلطتها الكاملة على جميع الاراضي اللبنانية .
قلت ان هذه الحكومة منبثقة عن ارادتكم ، وستكون قاعدة عملها التجاوب مع رغبات مجلسكم مما صدر عنه من توصيات ، ولا سيما التوصية التي اقرها مجلسكم الكريم بالاجماع في تاريخ 19-12-1978 والتي اتلوها على مسامعكم :
"ان مجلس النواب في جلسته المنعقدة في تاريخ 19-12-1978 ، وبعد المناقشة في الوسائل الكفيلة بتنفيذ مقررات بيت الدين ، المصادق عليها في مجلس الوزراء في تاريخ 21-10-78 ، يقرر ما يأتي :
ان وضع مقررات بيت الدين موضع التنفيذ ، التي من شأنها اعادة السلطة الفعلية الى الدولة ، هو تجسيد لارادة الشعب اللبناني على اختلاف الطوائف والفئات ، والشرط الاساسي الذي لا بد منه ، لمتابعة مسيرة بناء الوطن ومواجهة مختلف الاخطار المحدقة به ، من تقسيم وتوطين ، كما انها المدخل الحتمي للتوصل الى الوفاق الوطني حول صيغة مستقبلية للبنان ، توفر له المناعة الذاتية التي تحول دون جعله في المستقبل تربة خصبة لمحاولات التفجير ، ان من الداخل او من الخارج .
لذلك ، فان مجلس النواب يطلب من الحكومة الاسراع في انجاز البرنامج التطبيقي لمقررات بيت الدين ، ووضعه موضع التنفيذ وذلك انطلاقا من كون القوات الامنية الشرعية المؤلفة من قوات الجيش اللبناني وقوات الامن الداخلي وقوات الردع العربية وحدة أمنية لا تتجزأ ، يناط بها ، في اطار المسؤولية الامنية والعسكرية الواحدة ، تنفيذ هذا البرنامج في كل الاراضي اللبنانية" .
بوحي من هذه التوصيات ، وبوحي من القرار الصادر عن مجلسكم الكريم بتاريخ 27 نيسان 1978 ، ستعمل الحكومة بكل ما تستطيع على تنفيذ هذه المقررات تنفيذا كاملا وصحيحا .
وفي سهر الحكومة على ازالة العقبات التي تحول دون تنفيذ المقررات المشار اليها ، ان يغيب عن بالها وجود اوضاع شاذة خلقتها ظروف الاحداث او العدوان الاسرائيلي او سائر اعمال العنف من تهجير واحتلال لاملاك الغير في مختلف المناطق . وستعمل الحكومة على ازالة هذه الاوضاع .
من البديهي ان تكون قضية الامن في رأس اهتماماتنا . وفي موضوع الامن يهمنا التأكيد على حقائق ثلاث : الاولى انه يجب ان تستعيد عناصر الامن ثقتها بنفسها ، بعد ان كادت الاحداث ان تحطم معنوياتها . وقد سعينا وسنسعى الى بلوغ هذه الغاية ، ويطيب لنا ان نعلن اننا قطعنا شوطا بعيدا في هذا المجال ونرجو ان تتمكن قوى الامن الداخلي من تأدية مهماتها على الوجه الكامل الصحيح . اما الجيش فسوف تتابع حكومتنا عملية بنائه استنادا الى قانون الدفاع الجديد وعلى النحو الذي يؤمن له الفعالية المطلوبة في الدفاع عن الوطن ووحدته وبسط سيادة الدولة على اراضيه كاملة .
والحقيقة الثانية ان اقرار الامن مطلب وطني وضرورة ملحة للخروج من الازمة المحنة التي يعانيها الوطن . فعلى جميع المواطنين ان يساعدوا السلطة في محاولة ضبط الامن وتوطيد اركانه ، وان يتركوا لها وحدها ممارسة مهامها في هذا المجال .
اما الحقيقة الثالثة فهي ان الامن لا يستتب الا اذا عادت الى الاجهزة القضائية فاعليتها . والحكومة جادة في ان يستعيد القضاء فاعليته في مستهل السنة القضائية .
الوزارات اللبنانية وبياناتها
ايها السادة ،
اذا كان المواطن يجد تفسيرا لما قد يحول دون وضع الحلول الجذرية للقضايا المصيرية المتشابكة فمن حقه ان لا يجد مبررا لأي تقاعس او اهمال في الامور الحياتية الملحة .
ان في طليعة هذه الامور قضايا الماء والكهرباء وسائر القضايا التموينية والمواصلات ولا سيما السلكية واللاسلكية والبريدية من هاتف وتلكس وبرق وبريد .
وستعمل الحكومة بكل الوسائل الممكنة على تنفيذ المشاريع الاعمارية والانمائية العاجلة وعلى تحسين اوضاع الخزينة ومحاربة الضغوط التضخمية والغلاء ، وعلى معالجة المشاكل الاجتماعية وقضايا العمل وشؤون العمل والقضايا الصحية والتربوية ، وعلى انعاش نشاط القطاعات الخاصة في الاقتصاد الوطني .
لقد اشرنا الى بعض القضايا الحياتية التي تهم المواطن ولم نعددها جميعا . كل ما يمكن ان نقوله ان الحكومة ستدأب على معالجة هذه القضايا بالجدية التي يفرضها الظرف الراهن .
ونعود الى القول على المواطن ان يحسس بدوره بمسؤولياته . وان يسهل عمل السلطة لتحقيق المطالب الشعبية الملحة .
اما على الصعيد الخارجي فان الحكومة تؤكد حرصها على المحافظة على اطيب العلاقات مع الدول الصديقة بصورة عامة والدول العربية الشقيقة بصورة خاصة ، ايمانا منا بأن يساعد تعاوننا معها على انقاذ لبنان من محنته ومما يتعرض له من اعتداءات بربرية من جانب اسرائيل وما يعانيه من مآسي انسانية واجتماعية . ونؤكد حرصنا بشكل خاص على الروابط الاخوية الوثيقة التي كانت ولا تزال تتميز بها علاقاتنا مع سوريا الشقيقة على اسس من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة . ونحن على يقين ان سوريا ستواصل التعاون معنا في مواجهة الشدائد وفي بذل الجهود لاخراج لبنان من المحنة التي حلت به .
حضرة النواب المحترمين ،
نكرر القول انه ليس بمقدور هذه الحكومة - او أي حكومة - ان تعيد الى لبنان الاستقرار الذي كان ينعم به والدور الرائد الذي لعبه في المنطقة العربية - وهو البلد الصغير فيحجمه ، الكبير في امكاناته - اذا لم يتحسس كل فرد من افراد الشعب الاسهام فياعادة بناء الدولة بصورة فاعلة وجدية .
ونحمد الله على ان المحنة التي مرت بلبنان لم تقو ، رغم ما نتج عنها من ضحايا بشرية وخراب ودمار ، على النيل من نظامنا الديمقراطي ، وقد بقيت مؤسساته الدستورية سليمة وفاعلة .
هذا البيان الوزاري حرصنا على ان يكون واضحا وصريحا بوحي من ايماننا بأن بوسعنا معالجة القضايا الهامة دون الادعاء بأنه وسعنا حلها جميعا .
وعلى اساسه نطلب من المجلس الكريم ان يمنحنا ثقته .