فيما يلي نص الكلمة التي ألقاها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري خلال حفل العشاء السنوي لجمعية الصناعيين اللبنانيين الذي أقيم مساء أمس الخميس في فندق فينيسيا:
أيها الأصدقاء
بالنسبة للأمور التي تحدث عنها وزير الصناعة حسين الحاج حسن، أي شيء يقدم لمجلس الوزراء تأكدوا أننا سنوافق عليه لحماية صناعتنا. فكما حمينا صناعة الأحجار مستعدون لحماية كل الصناعات لأن هذا واجبنا الوطني وعملنا، فلا داعي لشكرنا.
أنا سعيد اليوم أن ألتقي بهذه النخبة من أصحاب الطاقات المؤمنين بالمهارات اللبنانية والإبداع اللبناني والحرفية اللبنانية، الملتزمين بالصناعة الوطنية وبالشعار الذي أطلقه الشهيد بيار أمين الجميل: بتحب لبنان؟ حب صناعته!
والحقيقة، أن الأزمات التي مرّت على بلدنا كانت كفيلة بتدمير الصناعة الوطنية في أي بلد، لولا إيمانكم أنتم وثقتكم أنتم بلبنان وبشعبه وبمستقبله. فشكراً لكم جميعاً.
نحن اليوم رهاننا على القطاعات الإنتاجية وبشكل خاص تلك التي فيها قيمة مضافة عالية. نحن بحاجة لقطاعات تؤمّن فرص عمل للشباب اللبناني وهنا دور القطاع الصناعي.
الصناعة هي عصب الاقتصاد، وهي محرّك العجلة الاقتصادية. وأي مجهود لدعم الصناعة والنهوض الصناعي يجب أن يرتكز على ميزاتنا التفاضلية، وعلى رأسها الطاقات البشرية التي يملكها لبنان، وهنا أود أن أركز على موضوع أساسي، وهو موضوع التعليم المهني والتقني في لبنان. فتطوير هذا القطاع بنظري، هو من شروط تطوير القطاع الصناعي الذي يحتاج إلى عمالة متخصصة تملك كفاءة تقنية عالية، ودعوتي لشباب وشابات لبنان أن يتوجهوا للتعليم المهني والتقني الذي يفتح أمامهم آفاق جديدة للمستقبل ولفرص عمل إضافية.
جميعكم تعرفون التحديات التي تواجهها الصناعة في لبنان، وأبرزها تداعيات الأزمة السورية، وصعوبات تصريف الإنتاج عبر النقل البري. هذا إضافةً للتحديات المزمنة وعلى رأسها كلفة الإنتاج المحلي، وخاصةً كلفة الطاقة التي تصل إلى 35 بالمائة من سعر المبيع في الصناعات المكثفة.
لقد وضعت حكومتنا أمامها أولوية حماية الصناعة الوطنية، والحد من المنافسة غير المتكافئة، بالحدود التي تسمح بها التزاماتنا الدولية والاتفاقيات التي وقعتها الدولة اللبنانية.
نحن نتحاور مع كل الدول التي وقعنا معها هذه الاتفاقيات ليكون للبنان مهلة أطول، خصوصاً أنه يعيش أزمة كبيرة بالنسبة للنازحين السوريين، إن كان مع الاتحاد الأوروبي أو إخواننا العرب.
والوزير غسان حاصباني سيزور القاهرة يوم الأحد المقبل لإنجاز الاتفاقية بيننا وبين مصر بالنسبة لتصدير الأدوية، ومن المفترض أن يأتي الوزير المصري قريباً إلى لبنان لتوقيع الاتفاقية، وهذه احدى نتائج الزيارة التي قمنا بها مؤخرا إلى مصر حيث تفاوضنا وشرحنا الموضوع وفهموا لماذا نريد ذلك.
ونحن هنا نتحاور مع كل الدول التي وقعنا معها اتفاقيات أن يكون للبنان مهلة أطول، خاصة وأنه يعيش أزمة كبيرة وهي أزمة النزوح. أما بالنسبة إلى تصدير الدواء، فإن الوزير غسان حاصباني سيزور القاهرة يوم الأحد المقبل لكي ينجز معاملات تسجيل الدواء اللبناني المصنع في لبنان، وذلك من ضمن مفاعيل الزيارة الأخيرة التي قمنا بها قبل فترة إلى القاهرة، على أن يزور وزير الصحة المصري بيروت فيما بعد لإنهاء هذه المسألة.
لقد اتخذنا عددا من القرارات التي تشجع وتحمي الإنتاج الوطني بتخفيف أكلاف التصنيع والتصدير، وكنا حريصين على عدم تضمين الموازنة العامة أي ضرائب أو رسوم إضافية على الصناعة، لا بل ضمناها إعفاءات وحوافز إضافية تشجع الاستثمار بالقطاع الصناعي اللبناني. وفي كل زيارة خارجية، وكل اتصالاتنا العربية والدولية، كان من بين أولوياتنا، فتح الأسواق الإقليمية والعالمية أمام منتجات الصناعة اللبنانية.
ولكن على المدى الطويل، أعتبر أن الفرصة الحقيقية أمام الصناعة اللبنانية هي في استراتيجية الحكومة لاعتماد الغاز الطبيعي كمصدر بديل لتوليد الطاقة والتحول التدريجي لاعتماد الصناعات الوطنية على الغاز لخفض كلفة الإنتاج وبالتالي زيادة القدرة التنافسية. وإطلاق دورة التراخيص للتنقيب عن النفط والغاز يفيد الصناعة المحلية، إضافةً إلى مشروع المنشأة العائمة للتخزين والتغويز FSRU وبناء خط غاز ساحلي شمالاً وجنوباً ضمن خطة الكهرباء التي أُقرت في مجلس الوزراء مؤخراً.
خطتنا في الطاقة على المدى الطويل هي إرساء بيئة جاذبة وحاضنة للاستثمار طويل الأمد، وتحقيق الاستقرار والاستقلال بالطاقة وتحقيق التنمية المستدامة مع العمل على تنمية القطاعات الإنتاجية الأخرى، وتحقيق أقصى منفعة اقتصادية واجتماعية.
بهذه الاستراتيجية، الكل يستفيد: الخزينة تخفّض فاتورتها لدعم كهرباء لبنان، الصناعة تخفض كلفتها الإنتاجية وتفتح أمامها فرص المشاركة في مشاريع مباشرة وغير مباشرة في قطاع النفط والغاز.
وكما أقول دائماً، وكي لا ينسى أحد، أعود وأكرر أن الهدف من كل هذا العمل هو واحد: الهدف إيجاد فرص العمل، أمام اللبنانيين، وبشكل خاص للشباب.
وفي جميع الأحوال، وبانتظار أن تتحقق كل أهدافنا الاستراتيجية بإذن الله، أود أن تعرفوا أن بابي مفتوح أمامكم في أي وقت، لنعالج المشاكل والعقبات ونوجد الحلول المناسبة، ونتساعد للنهوض بالصناعة وبكل الاقتصاد اللبناني.
عشتم، عاشت الصناعة اللبنانية، وعاش لبنان.