اعتبر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ان التفاهم الذي حصل مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد انهى مرحلة الفراغ الرئاسي وخطا بلبنان خطوات متقدمة نحو الافضل وهذا ما بدأ يلمسه جميع اللبنانيين وقال خلال مقابلة مع الإعلامي عمرو أديب في برنامج "كل يوم" عبر قناة "ON E HD" المصرية ليس صحيحا ان حزب الله هو الذي منع الارهاب عن لبنان مشددا على ان الاسلام هو الاعتدال والوسطية وان المعركة في المنطقة بين الاعتدال والتطرف.
وفيما يلي نص المقابلة:
س: آخر لقاء كان بيننا منذ سبع سنوات، ما الذي تغير بسعد الحريري منذ سبع سنوات؟
ج: أصبح سعد الحريري يعي الامور أكثر وتعلم من الامور التي حصلت خلال السنوات السبع هذه. وأنا أرى أن كل المنطقة أيضا تغيرت، وتعلمت أمراً أساسياً أن لا شيء يبقى كما هو، إذ يجب على الإنسان أن يتأقلم مع كل المتغيرات التي تحصل في المنطقة وفي بلده، تعلمت كثيرا، وسعد الحريري في 2010 غير سعد الحريري في 2017.
س: ما هي فكرة التأقلم؟ أي أنك ممكن أن تجلس وتتعامل مع أشخاص لم تكن ترغب في الجلوس والتعامل معهم؟
ج: في النهاية يجب أن يعمل الإنسان مصلحة بلده، ربما شهد لبنان في مرحلة من المراحل إنقسامات وكنا نراها من الأساسيات في الاختلاف في البلد، ولكن عندما يأتي موضوع أكبر من كل الأفرقاء في لبنان، نصل الى مكان يجب أن نتنازل فيه في أماكن معينة وكذلك على الآخرين التنازل. وهذا ما أدّى الى حدوث تفاهمات في لبنان لمصلحة البلد، وضعنا مصلحة البلد قبل كل مصالحنا السياسية التي كنا نتمسك بها.
س: دولة الرئيس أنا كنت موجوداً عندما عدت وتجرعت السمّ، أي انني سمعت من أشخاص من أهلنا السّنة في لبنان أن هذا تجرّع للسمّ وخيانة للقضية الوطنية، لم يعرف أحد ما هي نقطة التحول يعني ماذا حدث؟
ج: يجب على الإنسان أن يمتلك أحيانا الشجاعة بأن يخطو خطوات يعرف أنها لمصلحة البلد، إذ لا يجب أن يبقى الإنسان في مكانه وينتظر الأمور لتسبقه، خاصة عندما نرى الأمور التي تحصل في المنطقة، وما حصل في سوريا والعراق وليبيا وبعض الأماكن في مصر جعلنا نسأل أنفسنا: ماذا نفعل نحن؟ هل سيفيد هذا الانقسام اللبنانيين أو ربما إذا تنازلت في مكان وقمت بخطوة تجاه الرئيس ميشال عون الذي تم انتخابه سينقذ البلد؟ وفعليا وصلنا الحمد لله حينها الى اتفاق من خلال مفاوضات وترى اليوم البلد أفضل بكثير مما كنا عليه.
س: المصريون لا يفهمون كثيراً الشأن اللبناني، ما هي نقطة التحول؟ ماذا حصل؟ إذ كان هناك رفض كبير للرئيس عون على مدى سنتين وأكثر، ما هو الاتفاق الذي حصل؟
ج: ربما ما تمرون به في مصر اليوم مرحلة صعبة جدا، إلّا أنّ الاجراءات التي تقومون بها هي الصحيحة، أي التحول الاقتصادي، لأن المشكلة التي حصلت في مصر سابقا نتيجة انه لم يحصل أي تقدم أو أي تغيير في القوانين والمستجدات الاقتصادية العالمية، وبالتالي حتى تنتقل من مكان الى آخر ستكون هناك مرحلة صعبة على المصريين، ولكن أؤكد أنه بالاجراءات التي تتخذونها تخرج مصر من المرحلة التي كانت غارقة فيها وتذهب الى مرحلة أخرى.
الشخص الذي لديه شركة، أو مطعم، يمكن أن تتراجع أوضاعها ولكن لا يعترف بالأمر، ويقول أن ما اقوم به هو الصح، ربما يجب جذب الناس بطريقة أخرى، فعلى صاحب المطعم إما أن يأخذ قراراً ويعترف بأنّه خسر، أو يكمل كما هو ويقفل المطعم نهائيا أو يقفله لمرحلة من أجل إجراء التحسين ثم يعيد افتتاحه لتعود الناس وتتدفق إليه.
المرحلة الحالية التي تقومون بها هي مرحلة تحسين في القوانين والإقتصاد لكي يتقدم المصريون إلى الأمام.
كل العالم يتقدم ونحن نتأخر، لماذا؟ هم لم يخترعوا البترول بل ينفذون سياسات إقتصادية واضحة، وممكن كان هناك فساد يجب إنهاؤه.
بالنسبة إلينا في لبنان اليوم، يجب إنهاء الهدر والفساد، أجرينا تغييراً في الكثير وتعيينات أمنية ورقابية وهذا سيساعد على محاربة الفساد. وكذلك أنتم في مصر عليكم تحديث بعض القوانين وإن شاء الله تصلون.
س: أنا مصرّ على معرفة اللحظة التاريخية، قمت في يوم وقلت سأضع يدي بيد ميشال عون، هل كانت هذه اللحظة قبل القرار بيوم أو يومين؟ هل استشرت احدا؟
ج: حصل نقاش طويل بين مجموعة من المستشارين عندي وقلنا أنه يجب علينا ابتداع أمر ما إذ لا يمكن ان نبقى مكاننا، وكانت نظريتي واضحة منذ البداية.
قبل انتخاب ميشال عون كنت قد رشحت سليمان فرنجية، كذلك كان سليمان بيك في مكان في السياسة مختلف عني، إلا أنني كنت أرى أن الفراغ في رئاسة الجمهورية هو قاتل لبنان، لذلك فإن محاولة سدّ هذا الفراغ حتى لو مع شخص أنا لا أتفاهم معه أفضل من الحالة التي كنا نعيش فيها.
لحسن الحظ تفاهمنا مع فخامة الرئيس ميشال عون بشكل كبير وما زال هذا التفاهم سائداً، كانت نظريتي أن البقاء على هذا النوع من الترهل في المؤسسات والدولة هو مقتل لبنان فعليا وكنا سنصل الى أماكن كالانتخابات النيابية وغيرها من دون معرفة ما يجب القيام به.
كذلك وجدت حكومة ترأسها الرئيس تمام سلام كانت تعاني أيضا وغير قادرة على التنفيذ على الارض، توقف كل شيء.
س: هل توجد اي قوة اقليمية دولية؟ يقولون دائما في الاعلام اللبناني إشارات خضراء وإشارات حمراء ومباركة وتوافق، لم يحدث أي شيء من هذا؟
ج: MADE IN LEBANON
دائما أقول أن لبنان أولا، وأنتم الآن في مصر تقولون مصر أولا.
وصلنا الى مرحلة رأينا فيها أنه مهما تعاطفت القوى الاقليمية مع لبنان، إن لم يحل اللبنانيون مشاكلهم بأنفسهم لن يأتي أحد ليحلها لهم.
تشاورنا في مرحلة من المراحل، إلا أن القرار اتخذته أنا واتخذه الرئيس عون، الذي كان يقوم كذلك باتفاق مع خصم، فكنا خصمين، لكن عندما اتفقنا وجدنا أن ما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرّقنا.
س: يوجد أمر لا يفهمه الناس عن الشارع اللبناني، يوم يكون الوضع نار وقتل وميليشيا ويوم تفاهم وتقارب، كيف هذا؟
ج: تعرف لماذا؟ لأن هذه هي الديموقراطية، الديموقراطية هي أن تقبل الرأي الآخر مهما اختلف معك.
مثلا في مجلس النواب عندنا، ممكن أن ترى نائب يتحدث بشكل تقول انه من المستحيل أن يسلم على النائب الآخر، ينزلان عن المنبر وبعد عشر دقائق يرتشفان القهوة سويا، لأن احترام الرأي الآخر في لبنان متجذر عندنا، فنحن نملك ديموقراطية قديمة وربما هذا ما يغني لبنان.
س: هل انتم مستعدون لشرب قهوة مع "حزب الله" مثلا؟
ج: في مجلس الوزراء يوجد وزراء لـ"حزب الله"، أختلف معهم في سياستهم. وتوجد سياسات لن نتوافق عليها، وكذلك هو لا يمكن أن يتوافق مع السياسات التي أتبعها، لذلك سنختلف في هذه الأمور لكن قلنا بدلاً من أن نختلف ونوقف البلد لنختلف ونضع هذا الخلاف جانبا ونكمل في بناء البلد.
وتذكّر أن رفيق الحريري كانت لديه خلافات كبيرة، ولكنّه كان دائما يضع البلد أمامه ويضع كل الخلافات جانبا، كانت توجد أمور سياسية متجذّرة يختلف عليها مع النظام السوري إلّا أنّه كان يرى وجوب المحافظة على البلد وبنائه وإعماره ويأتي بتوافق في مجلس الوزراء ليكمل وينعش الإقتصاد.
لذلك يمكن أن تختلف في السياسة في بعض الامور، وتوجد أمور أخرى تكمل بها.
س: هل تشعر أنك مطلق المسؤولية؟ أي يمكنك أن تتخذ قراراتك من دون ضغط من أحد أو أن تراعي قوى موجودة على الارض من دون أن تخاف من التهديد؟ للأسف في لبنان منذ عشرين سنة وجد اللوبي السوري وبعدها انتهى...
ج: لا لم يكن يوجد لوبي بل وصاية، إحتلال.
س: لم يكن أحد يعرف اتخاذ قرار؟
ج: صحيح. القرار اللبناني هو الطّاغي في البلد. نعم توجد ضغوطات من بعض الدول الاقليمية ولكن إذا قارنّاها بما كان يحصل في السابق نرى أنها جزءً صغيراً جدا مما كان يحصل في السابق.
على سبيل المثال، في أيام تدخل النظام السوري في لبنان لم يكن بإمكاننا تعيين مدير عام أو غيره، لكن الآن الاتفاق بين القوى السياسية اللبنانية يسمح بهكذا تعيينات. ويوجد حوار ونقاش جاري وحيوي، وهذه هي "لذّة" السياسة في لبنان أننا لا نأخذ كل شيء إقليميا بل على العكس يكون القرار في لبنان.
س: إنما الهمز واللّمز الذي نسمعه دائما في الإعلام اللبناني أن مراكز القوى وأن أحدا هو الذي يتخذ القرار، وأن أحدا لديه قدرة على التعطيل.
ج: اليوم في مجلس الوزراء يمكن للجميع أن يعطل ويمكن للجميع ان يسيّر الوضع، لكن القرار اليوم في البلد مع التّفاهم الذي قمنا به مع كل الأفرقاء أنه يجب أن نسير الى الامام، وإن شاء الله سيقفز لبنان قريبا قفزة نوعية خلال الاشهر القادمة.
س: كانت هناك تصريحات للرئيس عون، ورأيتك منذ يومين في الساحة تقول أن الرئيس عون وقف وراء مطالب الناس، أراك تساند الرئيس وتحترم قراراته؟
ج: هذا رئيس الجمهورية بالتأكيد سأحترمه، وأي رئيس وزراء سيحترم رئيس الجمهورية إذا أراد ان يعمل لمصلحة البلد. لا أعرف عن أي تصريحات تتحدث.
س: عندما تحدث عن ان الجيش اللبناني لا يستطيع ان يدافع عن حدوده لذا سلاح "حزب الله" شرعي.
ج: مثلا هذه أمور خلافية مع بعض الافرقاء في لبنان، البيان الوزاري الذي أخذنا عليه الثقة نحن في مجلس الوزراء واضح فيه احترامنا لـ 1701 وللقرارات الدولية وكيف نعالج بعض الامور التي ممكن ان تحصل، وإذا حصل لا سمح الله أي مشكلة على الحدود توجد لجنة موجود فيها الجانب اللبناني والامم المتحدة والجانب الاسرائيلي ويناقش هذا الامر في هذه اللجنة، أما في ما يخص هذه السياسة يوجد خلاف.
س: هذا موضوع استراتيجي؟
ج: هذا موضوع استراتيجي نعم، ويمكن أن أفكر أن أقوم بمشكل كبير فيه وكذلك يمكن لفخامة الرئيس أن يفكر أن يقوم بمشكل كبير فيه، ولكننا اتخذنا القرار أن هذه الامور نختلف عليها في السياسة وفي الاستراتيجية نضعها جانبا ولا نعطل البلد بسببها. كيف يمكننا القيام يذلك؟ هذه هي الخلطة اللبنانية السحريّة التي يدار بها لبنان.
س: ولكن من حيث المبدأ لو ان الجيش اللبناني فعلا غير قادر على حماية الحدود اللبنانية ما هي اقتراحاتك؟ دائما يتحدث الإخوان في "حزب الله" وسماحة السيد حسن نصر الله اننا نقف وندافع ولا يمكن لأحد القيام بذلك، ما هي اقتراحاتك؟
ج: عاش لبنان مقاومات عدة في تاريخه وهذا ليس غريبا كيف قاوم لبنان الاسرائيلي في كل المراحل. أتى "حزب الله" في الثمانينات، ولكن قبل ذلك كان يوجد اليسار و"فتح" ومقاومات عدة تصدّت للاسرائيلي.
النجاح الذي حصل عليه "حزب الله" بعدها هو لوجود وحدة وطنية صانت هذه المقاومة في كل هذه المرحلة بعد العام 1982 حتى العام 2000 او 2005، حصل بعدها انقسام سياسي.
تلال كفرشوبا وشبعا ما زالت محتلة ولم يعد يوجد الإحتلال الكبير الذي كان قائما، يوجد خلاف سياسي على الموضوع، وتوجد وجهة نظر تقول أنه يجب على الجيش اللبناني ان يدافع، يجب ان نصل الى قدرة الدفاع.
س: ولكن عندما تتكلم معهم دائما يقال عندما يستطيع الجيش.
ج: جيد، ولكن يجب أن نعمل على الاستراتيجية الدفاعية التي وضعناها على طاولة الحوار لأنه يوجد خلاف على هذا الموضوع.
أما في ما يخص "حزب الله"، وأنا صريح جدا، "حزب الله" شأن إقليمي ليس فقط لبناني، لذا لا تأتي إسرائيل وتلوم لبنان عليه، إسرائيل تتوجه الى الدولة اللبنانية إلا أنه فعليا هو موضوع اقليمي.
ومحاولة وضع لبنان في فوهة المدفع بهذا الشكل هو قرار خاطئ من قبل إسرائيل، لأننا إذا نظرنا الى كل طرق "السلبطة" التي تتوجه بها اسرائيل الى العرب، مثلا غزة تشكل تهديدا لها، من يسمع يصدق.
س: انت تقصد انه لو لم يكن "حزب الله" موجودا في الجنوب اللبناني لما كانت لهذه الهجمات الاسرائلية لتحصل؟
ج: لدى إسرائيل مصالحها وحروب قامت بها، إلّا ان العرب جميعا عليهم مقاومة إسرائيل، لماذا يحمل لبنان وحده الأمر على عاتقه؟
لذلك نحن وبالنقاش الذي نجريه دائما ندعو الى طاولة الحوار لنضع هذا الامر عليها ونتحدث به بين اللبنانيين.
س: أعرف أن هذا الموضوع حساس في الشأن اللبناني، يقول "حزب الله" اننا نحن منعنا الارهاب عن لبنان بدخولنا سوريا، ما رأيك؟
ج: هذا غير صحيح. بالنسبة اليّ هذا هو الخلاف السياسي بيننا وبين الحزب.
أرى ان هذا الكلام غير صحيح.
هناك تفسيران لهذا الموضوع، عندما تدخل نفسك في مشكل في سوريا أنت تأتي بالبلاء الى بلدك ولم يكن يجب علينا التدخل، لأن هذا البلاء أتى بعد التدخل، هذه وجهة نظر، الا ان وجهة نظرهم مختلفة، نضعها جانبا.
نقول في السياسة أن هذه الامور الخلافية وهي جذرية، هل سأقنع "حزب الله" بوجهة نظري؟ لا، هل سيقنعوني هم بوجهة نظرهم؟ لا، إذاً هل نخرّب البلد؟
س: الى أي مدى يمكنك الحفاظ على هذا التوازن؟
ج: يجب أن تكون هادئاً وصبوراً وترى مصلحة بلدك. الرئيس الشهيد رفيق الحريري يقول ما حدا أكبر من بلده. لذا نحن كلنا كأحزاب موجودين اليوم وسنذهب، إلّا أن لبنان باق.
وانتم اليوم في مصر كلكم موجودين اليوم إلّا أنكم ستذهبون وانتم ستقررون كيف ستتركون مصر.
نحن في لبنان قررنا أن نضع هذا الخلاف الذي كان ناشئاً جانبا، وننظر الى البلد ونقوم بكل الخطوات التي قامت بها بلاد أخرى.
س: هل يمكن أن يأتي وقت تقرر فيه أن تترك الحياة السياسية وتشعر أن لا فائدة من الموضوع ولا أمل؟
ج: كان لبنان قبل سعد الحريري وقبل رفيق الحريري ومنذ آلاف السنين، لبنان باق، اللهم أن نعمل ويقدرنا الله على أن نقوم بالخير للناس وننفذ السياسات الصحيحة.
المعركة في المنطقة اليوم هي أيضا بين الاعتدال والتطرف، الاعتدال هو قوة وليس ضعفا، وتوجد اليوم حفنة من الجماعات المتطرفة تحاول تخويف الناس، لذلك يجب أن يكون هناك قوة في وجههم وهي الاعتدال، والاسلام هو الاعتدال والوسطية.
فلا يخبرنّ أحد أن الاسلام يقطع أعناق الناس، وكل الامور التي نراها لا علاقة لها بالاسلام بل هي تشويه له.
وانا اعتبر نفسي في لبنان من اكثر الناس التي تريدها هذه الفئة الضالة المتطرفة، لأنها تعرف ان هذا النوع من الاعتدال الذي فيه منطق وهو مشروع ممكن ان ينجح، وسينجح بإذن الله في لبنان، هو فعليا المشروع الذي تقف هذه الفئة المتطرّفة ضده.
هم يعيشون على تخويف الناس، وعندما يخاف الناس هنا تكمن المشكلة، لذا يجب ان نكون أقوياء كما تفعلون أيضا هنا في مصر.
الخطوات التي يقوم بها الرئيس السيسي أكان في محاربة الإرهاب أو كل تحديث للإقتصاد هي المرحلة الفعلية التغييرية التي ستصل اليها مصر إن شاء الله، وسترون ان الاقتصاد سيتغير. ويجب ان تبدأ.
س: نحتاج لأحد يرى الامور من الخارج.
ج: هذه هي المشكلة، في لبنان يقولون الناس تغرق في شبر ماء، وفعليا هو شبر ماء، وفعليا الناس لا يرون أين أصبحت مصر لكن اليوم أنظر من لبنان، نعم تتعذبون في موضوع الإقتصاد، لكن أرى الحريات في مصر وكيف يعبر الناس عن نفسهم، وفي الاقتصاد الإجراءات أصبحت أسهل من السابق بكثير.
س: يرى البعض ان الحل السوري هو ببشار الاسد ويرى آخرون أن الحل السوري بلا بشار الاسد، ماذا ترى حضرتك؟
ج: انتفض الشعب السوري، وهو لم ينتفض من الفراغ بل للتغيير وليرى ان هذا الجزء من الحريات، التي تشهدونها في مصر ولدينا منها في لبنان وتونس وأماكن اخرى، يكتسبونها.
هل اكتسبوا هذا الحق؟ هل القتل هو الحل أو أن نعطي الناس ما يريدون؟
ما يجب على الناس فهمه في العالم ان ما يحصل اليوم في سوريا هو اقتتال قوى خارجية وداخلية لحكم سوريا. لكن أساس المعركة هو الشعب، هل كان الشعب السوري داعشايا؟ لا، لم يكن يوماً داعشيا، لذلك يريد الشعب السوري التغيير وتوجد اليوم معارضة، وهذا شأن سوري.
ولكن أقول بصراحة إذا وضع المجتمع الدولي الفرضيات للشعب السوري لن تسير، الشعب السوري هو الذي سيقرر من سيكون على رأسه، لا أنت ولا أنا.
س: حضرتك تعرف عندما تحصل الانتخابات الشعب السوري، 9 من 10.
ج: هذا كان من قبل ولكن الآن الموضوع مختلف. لدينا في لبنان مليون ونصف سوري، وثلاثة مليون في تركيا ومليونين في الاردن ومليون في أوروبا وخمسمئة ألف في مصر ومليون في الخليج غير التهجير في الداخل، لا يجب على المجتمع الدولي وضع الفرضيات، سيحل الامر الشعب السوري.
س: انت ترى المستقبل في سوريا ببشار الاسد أو من دون بشار الاسد؟ أي وضع أفضل بالنسبة لسوريا؟
ج: موقفي معروف. انا لا أؤمن بهذا النظام، وهذا النظام فعل ما فعل في سوريا ولا يمكن ان يكمل في قيادتها، هذا رأيي، وهذا أمر نختلف عليه مع الرئيس ولكن لا يعني ان نخرب البلد عليه.موقفي بالمطلق لا أرى ان البقاء على وجود المشكلة هو الحل.
س: ألست منزعجا من انقلاب الخريطة الآن في الحرب السورية؟ كانت الثورة والمعارضة متقدمة، الا أن هذا النظام بدأ بالتنفس والكسب بعد دخول روسيا وأطراف كثيرة؟ هذا يعني ان المشكلة تتعقد وليست متجهة الى حلحلة.
ج: نعم ولكن لم تحل. كل ما تفضلت به صحيح ولكن هذا لا يعني أنه يوجد من ربح ومن خسر، في النهاية يجب إيجاد حل في سوريا، والحل هو الشعب السوري.كمية القتل التي حصلت في سوريا لا يمكن ان تكون التركيبة الجديدة فيها.
س: تعطيها كم سنة؟
ج: لا أعرف. ولكن حتى من يقول أنه يعرف هو لا يعرف. تعقدت الأمور إلا أن هذا لا يعني أنها ستدوم الى ما لانهاية. لا يوجد حروب تبقى الى مالانهاية.
عانينا الحرب الاهلية في لبنان، ومن يتابعها في مرحلة من المراحل كان يقول لن تنتهي، إلا أنها انتهت.
س: في يوم وليلة؟
ج: في يوم وليلة. ألم تحصل أزمات في مصر واعتقدتم أنّها لن تنتهي؟ ولكنها انتهت؟ لا شيء يدوم. أهم ما في الحياة أن لا شيء يدوم.
س: ما هي العوائق أمام العلاقات المصرية اللبنانية، وهي علاقات تاريخية؟
ج: هي علاقات جيدة. إلا أن آخر اجتماع عقدناه كان في العام 2010 ولسوء الحظ فإن الحكومات التي أتت بعدي وأيضا في مصر لم تتابع وحصل تعثّر من الجهتين.
أريد تعاون كبير جدا في هذا المجال، لأنني أرى أن مشاكلنا ومشاكل المصريين واحدة، لديكم مشاكل في فرص العمل والبطالة والزراعة وهذه المشاكل نعاني منها أيضاً.. لذلك يجب علينا كدولتين أن نتعاون في كل هذه المجالات ونشجع رجال الأعمال في لبنان ومصر أن يستثمروا في البلدين.. وسبب مجيئ كل والزراء البنانيين إلى مصر لأن لديهم ملفات عالقة المطلوب حلها بالإضافة إلى التواصل الدائم.
ويجب ان تحصل اجتماعات اللجان هذه سنويا وإن لم تحصل يكون هناك تقدم في العلاقات بين البلدين خاصة التجارية.
كمية التجارة التي تحصل في دولة أوروبا مثلا نحن لا شيء امامها، لذلك يجب ان نحسن كل الامور التي تعيقنا من التقدم في التجارة أكان في النوعية او بسرعة ردة الفعل باتخاذ القرارات بين الدولتين، اضافة الى ان الاتفاقيات التي نقوم بها يجب ان تساعد الى إغلاق الفراغات الموجودة عند الطرف الآخر.
س: هل سيكون هناك تعاون عسكري- أمني؟
ج: يوجد اتفاقيات بيينا وبين مصر، وانتم ساعدتم في السابق الجيش اللبناني أكان في الذخيرة أو في السلاح منذ عشر سنوات. في المجالات الأمنية التعاون كبير جدا في ما يخص مكافحة الإرهاب.
س: ما رأيك بالرئيس ترامب؟
ج: لم نر بعد في المنطقة شيئا بالنسبة لسياسة الرئيس ترامب، لكن ميزته أنه إنسان واضح. واعتقد ان العقل العملاني لديه ممكن أن تستفيد منه المنطقة.
س: ولكن هذا رأي عكس أغلب الناس حتى الامريكيين أنفسهم.
ج: هو رئيس أميركا وهي دولة عظمى ولديهم نظام وهو الرئيس الذي يجب أن نتعامل معه في هذه المرحلة.
س: هل ترى أن لديه أملا في الاستمرار؟
ج: الإنسان بأفعاله، أنا لم آت لاقيّم النظام الأميركي، ربما صراحة هذا الرجل أوصلته.
س: هل انت نادم على انك خرجت من "البزنيس" الخاص بك؟
ج: الإنسان ينتقل من مرحلة الى أخرى والحمد لله. لم أخرج منه بخيار، تم اغتيال رفيق الحريري، ولو أنه ما زال حياً لم أكن موجودا في السياسة ولم نكن نتحاور، رفيق الحريري قُتل لأنه يمثل شريحة كبيرة من العرب واللبنانيين الذين يؤمنون بالاعتدال والحداثة والاقتصاد والحياة.
س: بالرغم من كل ما تراه ينتصر من حولك، وهم أدوات للتطرف ولاستخدام القوة والعنف والامر الواقع، وما زلت مقتنعا جدا بالاعتدال؟
ج: لأنه يوجد غدا وبعد غد. يوجد من يستبد اليوم، ولكن إن قرأنا التاريخ هل نجد مستبداً، خصوصاً في منطقتنا، استمر؟
س: ولكن تكون ضحاياه كثيرة.
ج: صحيح ولكن هذا لا يعني أن نفقد الأمل، على العكس. أنا إنسان بطبيعتي إيجابي وكان الشهيد رحمه الله يقول لي دائما حاول ان ترى الجيد بكل أمر سيء، وعندما ترى ذلك ستجد ان ما حصل هو ربما ليدخلك الى مرحلة أخرى.
لبنان اليوم بمرحلة جيدة كثيرا.
س: يوجد تغيير كبير في لبنان خلال الاشهر الستة الماضية.
ج: أليس هذا أمرا ايجابيا؟ أعتقد البعض أن خيار الحوار الذي بنيناه سيودي بنا الى الويلات، وانظر الآن.
س: حتى انه يوجد تشكيك في الانتخابات الان.
ج: لا، سنضع قانون وليطمئن اللبنانيون، ربما يكون هناك تأخير تقني إلا أننا سنذهب الى الانتخابات، لا يهوّل علينا أحد ولن يحصل فراغ باذن الله. روح الايجابية الموجودة هي التي نريدها في لبنان.
س: ألا ترى أن التحقيق في اغتيال الشهيد الحريري طال كثيرا؟
ج: لا. كل المحاكم الدولية تستغرق وقتا، 25 عاما، 20، 30 عاما.
المحاكم الدولية التي حصلت كانت تعرف من ارتكب الجرائم، الفرق انه في المحكمة الخاصة في لبنان لا نعرف، لذا استغرق التحقيق وقتا وستأخذ المحاكمة وقتا.
اي قضية ترفع تأخذ وقتا، فما بالك بقضيّة كقضيّة رفيق الحريري، لن تأخذ شهرا أو اثنين أو سنة أو سنتين، إلّا أنني متأكداً أنّ العدالة ستأخذ مجراها.
س: لا تظهر اي تطورات او مؤشرات؟
ج: أرى ان هذه المحكمة تقوم بعمل دؤوب لتثبت مصداقيتها وتقوم بعمل طويل جدا.
المشكلة في العالم العربي اننا نريد العدالة بسرعة، إذا أردت المحافظة على حق البريء يجب المرور بطريقة، ما يجب ان نرسخه بعقولنا كعرب ان من يصل الى المحكمة لا يعني انه هو من ارتكب.
س: ليس لديك اي فكرة ولو غامضة؟
ج: أعرف انه يوجد أشخاص متهمين وأعرف من أين هم وما هو انتمائهم ولكن يوجد طريقة.
بمعرفتك لرفيق الحريري كيف احترامه للعدل والعدالة، هل يشكك به؟ لماذا يُطلب مني انا ان أشكك به؟
تقوم المحكمة الدولية بعملها، وكان رفيق الحريري أكثر إنسان يحترم العدالة والقضاء وكل ما يتعلق بحرية التعبير والدستور، فكيف سيكون إبنه؟ إذا لم أكن مثله وعلى نفس المستوى من التبصّر والصبر والحكمة، بالتأكيد لن أصل اليه لأنه كان إنسان أسطورة، إلّا أنّنا نعمل ونحاول تكرار الحكاية التي كان يخبرنا إياها رفيق الحريري التي هي حكاية حب إنسان للوطن، وهذا ما ميّزه.
ما ميّز رفيق الحريري في مسيرته عن الآخرين أنّه كان دائما يحاول إيجاد حلول لكل مشكلة وعندما كان يُواجه بالسياسة كان يلف على الموضوع ويكمل مشروعه أكان بتسوية أو عدمها. أو ربما يتخلى عن المشروع ويضعه جانبا ويعمل على مشروع ثان وثالث ورابع وخامس.
س: لو سألك ابن من أبنائك "والدي من قتل جدي؟" هل ستعرف الاجابة؟
ج: هم يعرفون أصلا.
س: أي أنك تعلم من اغتال؟
ج: بالتّأكيد أعرف. اتّخذت قرارا أن لا أنتقم وأتّخذت قرارا أن أسير بطريق الذي كان رفيق الحريري لسار به، رفيق الحريري لن ينتقم ولم يكن رجل انتقامي، بل كان رجل عدل واعتدال وحق وحب، أحب الناس رفيق الحريري لأنه كان صادقا معهم.
كنت أقول للوالد رحمه الله "ليش انت هلقد آدمي؟" لماذا لا تستعمل مجموعة من الشباب كميليشيا؟ قال لي: إذا قمت بهذا أصبح مثل غيري ويحبني الناس لأنني صادق معهم، فأنا صادق مع الناس وسأبقى صادقا معهم، وإذا تعلمت شيئا من رفيق الحريري هو أن تبقى صادقا مع الناس.
س: هل تخاف على حياتك بعد تم اغتيال والدك؟
ج: الله يحفظ الجميع. وعندما تأتي ساعة الإنسان يأخذها ربنا سبحانه وتعالى، اللهم يجب عليّ احترام الاجراءات الأمنية التي يضعها الأمن الخاص بي.
رحمه الله لم يكن الشهيد يهتم بهذا الموضوع.
س: كنّا نكون جالسين في أي مكان أو مطعم ويدخل رفيق الحريري ويجلس ويأكل ويتحدث.
ج: هذا خطأ. يجب أن تصحل هذه الأمور إلا أنه يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التحركات.
س: يتحدث الإعلام اللبناني بمرارة عن فساد الدولة وفساد المسؤولين، وحضرتك نزلت الى الساحة وتحدثت عن الهدر، هل الفساد كبير داخل الدولة اللبنانية؟
ج: نعم، عندما يبقى البلد من دون رئيس للجمهورية لمدة ثلاث سنوات ماذا تتوقع أن يفعل الناس؟ لم تعد توجد مؤسسات بل فراغ، نحن اليوم كدولة نحاول استعادة هذه الثقة وأن نقضي على هذا الفساد الذي تغلغل في الادارة اللبنانية، سنحارب هذا الفساد وسنوقف هذا الهدر.
س: هل فوجئت بموقف الناس في الساحة؟ ربما حضرتك أول رئيس تنفيذي كبير ينزل عند الناس في الشارع وهم في حالة غضب.
ج: رأيتهم في حالة غضب وعادي ان يكونوا غاضبين. ربما الطريقة التي تعاملوا بها هي من حرقة قلبهم.
س: لم تنزعج؟
ج: لا. أنزعج أنه من حق الشاب أن يسأل ويكون غاضباً.
عندما يكون للشاب حيوية في دمه يريد التغيير ويريد أن يرى نفسه والبلد في أفضل الأماكن، وأنا قلت لهم تفضلوا ونجلس على الطاولة وأرى ما الذي يمكن القيام به.
س: انت مستعد لتنزل الى شباب غاضبين في اي وقت؟
ج: أكيد. هذا واجبي. أنا اليوم موظف من الشعب اللبناني.
س: ألم يقل لك أحد من مستشارينك أننا قلنا لك لا تنزل وسط الناس لأنهم سيضايقونك؟
ج: نزلت لأن الشجاعة أن تواجه المشكلة وتحلها، وتقول للناس بصدق ما يحصل ويجب أن يتفهموا أو أن تتفهم أنت ما يحصل.
س: أصبحت ربع التركيبة السكانية في لبنان سورية، كيف ستتصرفون في هذا الموضوع؟
ج: نعمل على مشروع كبير، سأذهب الى برسلز أطرح قدرة لبنان على تحمل هذا الموضوع ويجب ان يتحمل المجتمع الدولي جزءا كبيرا من المشكلة التي نواجهها في لبنان، إذ ليس من الطبيعي ان يتحمل لبنان كل هذا الوزر ولا يفعل المجتمع الدولي شيئا.
يقدم المجتمع الدولي جزءا للنازحين في الامور الحياتية ولكن هذا ليس كافيا. اللبناني محتاج اليوم الى أكل وبنية تحتية ومدارس وكل هذه الامور، إذا اردنا المحافظة على عدم التخلي عن هؤلاء النازحين يجب وجود خطوات أساسية على الأرض لنستكمل وجودهم في لبنان وكذلك يستفيد اللبناني.
لا يمكن لهذه التركيبة السكانية ان تكمل هكذا. وإن شاء الله ستنتهي الحرب السورية يوما وسيعودون الى بلادهم.
الفرق بين السوري والفلسطيني، أن السوري لديه بلد يعود إليه، إلّا أنّ اللّاجئ الفلسطيني لديه حق العودة.
س: لديك الآن لاجئين فلسطينيين، عراقيين، سوريين.
ج: لترى كم يتحمل لبنان هذا البلد الصغير، يعاني ويعاني ويعاني ورغم ذلك يعود ويقوم على قدميه. ولدينا اعتدال وعيش مشترك وكل شيء يتطلب قبول الاخر.
س: هل تشعر بوجود نفوذ إيراني داخل لبنان؟
ج: أكذب عليك أن قلت لا، لكن هذا لا يعني أنه الطّاغي.
عشنا في لبنان مراحل أصعب، وربما نعيش اليوم في مرحلة فيها هدنة في مكان ما ويجب علينا نحن والافرقاء في لبنان أن نعزز هذا النوع من الوحدة الوطنية لأنها هي التي يمكن ان تنقذنا من أي مشكل إقليمي ممكن أن يحدث.
علينا تعزيز الوحدة الوطنية اللبنانية. إسرائيل تهددنا اليوم؟ كيف أواجهها؟ إذا وجدت وحدة وطنية لبنانية يمكن مواجهتها، أما إذا كنا مختلفين فهنا المصيبة.
الايراني موجود في لبنان في سوريا.. يوجد نفوذ نعم، ولكن أيضا لبنان موجود.
س: نفوذ من خلال القوة أو وجود؟
ج: القوة. التركيبة اللبنانية مختلفة عن كل التركيبات في العالم، وان شاء الله وحدتنا الوطنية هي التي ستصوننا في النهاية، وهي التي صانتنا.
نحن بلد على بعد كليومترات من سوريا، كان القتال يحصل أمام بعض القرى اللبنانية ولم نتأثر، واستطعنا الحفاظ على وحدتنا الوطنية، لذلك فإن التركيبة اللبنانية مختلفة جدا عن التركيبات الموجودة في المنطقة.
أنا أرى مصر مختلفة وحتى الوزراء الذين نتحدث معهم نشهد معهم قفزة نوعية بالحوار الذي نقوم به.
مشاكلنا كبيرة نحن وإياكم إلا انني متفائل للبنان ولمصر.