عقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية، في السرايا الحكومية، برئاسة الرئيس تمام سلام، وبعد الجلسة التي استمرت زهاء ست ساعات، تلا وزير الاعلام رمزي جريج المقررات الرسمية التالية: "بناء على دعوة دولة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، عقد المجلس جلسة استثنائية عند الخامسة والنصف من بعد ظهر يوم الاربعاء، الواقع فيه التاسع من ايلول 2015، في السرايا الحكومية، برئاسة دولة الرئيس وحضور الوزراء، الذين غاب منهم الوزراء: محمد فنيش، جبران باسيل وآلان حكيم.
واستهل سلام الجلسة بالقول: "ان هذه الجلسة استثنائية، ومخصصة حصرا لبحث موضوع النفايات، الذي ضجت به البلاد واثار غضب الناس"، مشيرا الى انه "يترتب على الحكومة ايجاد حل فوري لهذه الازمة"، مؤكدا ان "المشاركين في طاولة الحوار هذا النهار اعربوا عن دعمهم للحكومة لأجل التوصل الى الحل المطلوب".
اضاف ان "موضوع النفايات متعدد الجوانب، وأن الحلول التي يمكن اعتمادها بشأنه هي عابرة للطوائف والفئات، وان المخارج المعتمدة في الكثير من الدول ليست واحدة، وانما هي متعددة كالترحيل او الطمر او المحارق، وهناك فرق بين الحقيقة والانطباع لدى الناس. وازاء هذا الواقع لا بد من سحب هذا الملف من التجاذب السياسي، ولا بد من التصدي له بشكل حاسم لوضع حد للمأساة، التي يعيشها المواطنون"، معربا عن "ارتياحه لمشاركة جميع القوى السياسية في هذه الجلسة".
وتابع "في ضوء نتيجة المناقصات، كلف الوزير اكرم شهيب متابعة هذا الملف بالسرعة اللازمة، ووضع مقترحاته بهذا الشأن. وقد قام الوزير شهيب بالمهمة الموكلة اليه، ووضع خطة متكاملة لحل موضوع النفايات وقدمها لرئيس الحكومة".
شهيب بعد ذلك، قدم وزير الزراعة أكرم شهيب لمجلس الوزراء تقريرا مفصلا عن المقترحات التي خلص اليها لحل موضوع النفايات. وقد استهل عرضه بتوجيه الشكر ل"فريق الفنيين الذين عاونوه في عمله"، مؤكدا انه "استفاد من العمل الذي قام به من سبقه في التعاطي بهذا الملف، وبالاخص الوزير محمد المشنوق"، منوها ب"ما بذل من جهد بهذا الصدد. وقد وافق الوزراء على هذا التنويه".
وتضمن عرض الوزير شهيب اقتراحات حلول للانتقال من الازمة الى ادارة مستدامة، فتناول العرض الاجراءات التنفيذية للحلول المرحلية المقترحة، بما في ذلك الاجراءات المتعقلة بإزالة فورية للنفايات المتراكمة في الشوارع وفي المراكز المؤقتة المستخدمة منذ 17-7-2015.
بعد هذا العرض، قدم عضوان من الفريق الذي عاون شهيب بعض التوضيحات بصدد الحلول المقترحة. وعلى اثر ذلك، جرت مناقشة مستفيضة للاقتراحات المقدمة ادلى خلالها الوزراء بملاحظاتهم ورأيهم بتلك الاقتراحات.
ثم تحدث شهيب فقال: "بناء على تكليف وثقة دولة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والحكومة مجتمعة، تقدمنا باقتراح نرى أنه يستوفي الشروط البيئية والعلمية والموضوعية، ويحقق مبدأ الشراكة الوطنية والمسؤولية المشتركة لجميع اللبنانيين في معالجة أزمة النفايات، التي باتت تشكل خطرا وإهانة لكل مواطن ومسؤول لبناني. هذه الخطة تحتاج إلى التزام سياسي واضح من قبل كل القوى السياسية في تحمل مسؤولياتها أمام المواطنين، كما أنها تحتاج إلى تفهم من قبل كل المواطنين خاصة أبناء المناطق التي لحظت في الاقتراحات لإقامة مواقع معالجة وطمر تستوفي الشروط الصحية والبيئية والعلمية المطلوبة لمدة لن تتجاوز 18 شهرا من تاريخ البدء بالحل المتكامل. علما وبوضوح أن مسار الحل تكاملي بين المناطق بتحضير المواقع المحددة وبالنقل إليها بوقت واحد لضمان نجاح الخطة. مجلس الوزارء أقر مسار حل بيئي مرحلي ومستدام، وأمن بقراره الخروج من أزمة النفايات إلى الإدارة المتكاملة الأنسب للملف البيئي الحياتي".
أضاف "ملف النفايات عابر للسياسة والمناطق والطوائف تعاطينا معه من جانب بيئي، علمي، اقتصادي، اجتماعي ووطني. وقد مر الملف بمراحل وجرت محاولات كثيرة وتعثرت بمحاولات أكثر واصبح على أبواب كل بيت. وتحول إلى أزمة مع إنتهاء العمل في مطمر الناعمة وعدم تأمين البديل المناسب. ما سعينا إليه في عمل اللجنة ينطلق من مبدأ تحويل النفايات من عبء إلى مصدر إنتاج، والإنتقال بالملف من الأزمة ووضعه في مسار حل مستدام يقوم على الإدارة المتكاملة للنفايات المنزلية الصلبة".
وتابع "ركزت اللجنة على البعد البيئي- الاقتصادي للحلول المقترحة في المرحلة الانتقالية، لذلك تم اقتراح مواقع معالجة تحتاج أصلا إلى تأهيل، والمواقع المقترحة مكبين عشوائيين يحولان بالاستخدام إلى مطمرين صحيين، إضافة إلى إعادة تأهيل مكب برج حمود وإزالة هذا العبء البيئي والمسيء عن واجهة الساحل اللبناني، ونربح بذلك 330 ألف متر مربع من الأراضي النظيفة. البلديات وإتحادات البلديات مدعوة إلى أخذ دورها، الذي يعيده مجلس الوزراء لها مع تأمين المستلزمات للنجاح في هذا الدور إداريا وماليا وبيئيا مع رقابة مركزية تتولاها الوزارات المعنية والفريق الفني المختص. الحل بمندرجاته المرحلية والمستدامة لقي قبول ودعم مجلس الوزارء بمن يمثل من قوى سياسية، ولقي قبول قوى سياسية غير مشاركة، ولامسنا هذا القبول خلال جولة إتصالات التي رافقت إعداد الخطة المسار، كما لقي قبول الهيئات البيئية وإتحادات بلدية وصناعيين وأكاديميين. وكلنا مدعوون لإنجاح المسار والانتقال الفوري من التخطيط إلى العمل مباشر الذي انطلق اليوم".
المقررات التي اتخذها مجلس الوزراء هي:
الموافقة على عناوين وتوجهات الخطة لجهة الاخذ بمبدأ لا مركزية المعالجة واعطاء الدور للبلديات واتحاداتها في تحمل مسؤولية الملف للمرحلة المستدامة وفق اليات تنفيذية، يجري اعدادها لهذه الغاية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من خطة المعالجة المرحلية، على ان يعتمد معيار متوازن يراعي تقسيمات الاقضية او الكميات وان يؤخذ مباشرة باي مشروع جاهز من قبل اي من البلديات او الاتحادات، لمعالجة نفاياتها على ان يتم التنفيذ باشراف فريق فني مركزي برئاسة وزير الداخلية، يضم ممثلين عن وزارات البيئة والمالية ومكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية وعدد من الخبراء.
الموافقة على اعتماد مطمرين صحيين يتم تحضيرهما وفق المعايير البيئية في منطقة سرار في عكار، ومنطقة المصنع في سلسلة جبال لبنان الشرقية، بعد استطلاع رأي اتحادات البلديات واستخدام معمل معالجة النفايات في صيدا، لاستقبال جزء من الكميات خلال المرحلة الانتقالية، واستكمال دراسة استخدام مكب برج حمود في المرحلة المقبلة في اطار خطة تأهيله بما يخدم انماء المنطقة وفق الدراسات، التي تعد لهذه الغاية مع البلدية والجهات المعنية وتكليف مجلس الانماء والاعمار اعداد الدراسات اللازمة، مع وزارة البيئة لتأهيل مكب رأس العين والمباشرة بتلزيمه.
بالتزامن مع تنفيذ البند السابق، الموافقة على نقل النفايات المتراكمة في منطقة بيروت وجبل لبنان، التي لم تطمر بين 17-7-2015 وتاريخه الى مطمر الناعمة، الذي يفتح لهذه الغاية لمدة سبعة ايام، على ان تبدأ بعدها فورا اعمال التتريب والتغليف والتخضير، وانتاج الطاقة الكهربائية لتوزع مجانا على القرى المجاورة.
تكليف مجلس الانماء والاعمار اتخاذ الاجراءات اللازمة لتجهيز وتشغيل المواقع المقترحة للمعالجة والتخلص النهائي من النفايات، خلال فترة شهر وفقا للارشادات الفنية المحددة المرفقة بالقرار مع ترتيبات الاشراف اللازمة.
ابلاغ المشغل الحالي لمنطقة خدمات بيروت وجبل لبنان عدم تجديد عقود المعالجة والطمر والاشراف.
تكليف مجلس الانماء والاعمار تمديد عقد الكنس والجمع والنقل مع المشغل الحالي، لفترة لا تتجاوز 18 شهرا من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على هذا التمديد وتعديله وفقا للمهام الفعلية وتكليفه تنظيم عقد الاشراف على هذه الاعمال، واجراء عقد مصالحة عن الفترة الممتدة من تاريخ 17-7-2015، الى حين سريان تمديد العقد اعلاه بالاضافة الى تسديد تكاليف اشغال الطمر في مطمر الناعمة وفقا للبند رقم 3.
الطلب من مجلس الانماء والاعمار رفع نتائج البندين 4 و5 الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار فور الانتهاء من تحضيرهما.
الموافقة على المراسيم المقترحة من وزيري المال والداخلية لتوزيع حصص البلديات واتحاداتها من واردات الهاتف الخليوي الممولة من وزارة الاتصالات كاملة دون حسم والصندوق المستقل، بما فيها جدولة المبالغ العالقة في الفترة بين 1995 و2010.
الموافقة على تخصيص سلفة خزينة بمبلغ 150 مليار ليرة لبنانية لمشاريع تنمية لمنطقة البقاع بواسطة الهيئة العليا للاغاثة.
تكليف وزير الزراعة اكرم شهيب متابعة تنفيذ القرارات ورفع تقارير دورية، الى مجلس الوزراء مع الاقتراحات اللازمة على ان يستعين بمن يراه مناسبا.
حوار وردا على سؤال حول ما إذا كانت القرارات المتخذة اليوم سترضي الشارع، و"ان الشارع فعل فعلته في إصدار هذه القرارات"، قال شهيب: "قبل الشارع كانت هناك خطة لم نستطع ان نترجمها ونذهب بها إلى العملي. الخطة كانت تدرس والوزير محمد المشنوق لم يقصر بها. وطرحت مناقصات، وجاء وضع ما بعد إقفال مطمر الناعمة وعدم جدية الحل واعتماد الحل في المرحلة التي سبقت الحراك، فوصلنا إلى ما وصلنا إليه".
أضاف: "هذا ملف تراكمي مثله مثل الكهرباء والمياه والغاز، التي تشكل عملية غضب للشعب، فجاءت الفرصة عندما لامست النفايات كرامة اللبنانيين، ودخلت إلى كل بيوتهم، لذلك فإن هذا الحراك المشكور الذي ساعدنا من خلال شبان ساعدونا في موضوع البيئة وكانوا معنا في اللجنة وساهموا بهذا الحل، وبالتالي هناك مدارس عديدة للتخلص من النفايات الصلبة المنزلية، لكن البحث عن كيفية تلاؤمها مع واقعنا ومع بيئتنا ونوعية نفاياتنا وقدراتنا المالية".
وعن موضوع "سوكلين"، قال شهيب: "لسوكلين ثلاثة عقود أبطل منهم عقدان: المعالجة والطمر، فالطمر سقط بعد إقفال مطمر الناعمة. المعالجة كانت تكلف حوالي 50 مليون دولار، للوصول إلى 300 طن من ال"كومبوست". والذي حدث ان هذا ال"كومبوست" لم يصل منه إلا القليل القليل، وعملية المعالجة لم تكن سليمة لأسباب عديدة منها عدم تقديم الإدارات المختصة ما يلزم من أراض، من بيروت الكبرى إلى 300 بلدية، ومن 1250 طنا إلى 3500 طن، مع طول الأرض اللازمة، حتى يذهب ال"كومبوست"، بينما تم اعطاؤه الأرض اللازمة حتى يقوم بالتوسعة من الناعمة. هذا العقد الذي يكلف في سنة ونصف 75 مليون دولار، هو البند الأول للجنة، ووافق عليه مجلس الوزراء، وهو إلغاء هذا العقد نهائيا".
أضاف: "أما بالنسبة لموضوع التشغيل منذ وقت الإقفال، والذي هو عبارة عن عقد قيمته 50 مليون دولار كنس في بيروت وبعض المناطق، وعمليات الجمع والنقل، اليوم تغير مكان النقل لأنه أصبح لدينا مواقع من المفترض ان تكون جديدة، بحسب المساحة وبحسب البعد، والتي تلعب دورا في عملية النقل. هذا من حقه، فإذا أراد ان يكمل فأهلا وسهلا به في المرحلة الانتقالية، أما في حال لم يرد الإكمال فعلى مجلس الانماء والاعمار أن يعود إلى مجلس الوزراء ليتم تكليف أحد آخر بسرعة فائقة".