Republic of Lebanon

كلمة الرئيس نواف سلام اثر نيل حكومة "الإصلاح والإنقاذ" الثقة في مجلس النواب.

الخط + -
26 شباط 2025

سيداتي وسادتي،

لقد استمعت جيدًا وأصغيت إلى ملاحظاتكم واقتراحاتكم العديدة، وستتعامل حكومتنا معها بكل جدية. كما استمعت إلى أصوات المواطنين والمواطنات وتلقيت العديد من الآراء والأفكار والمطالب، وسنعمل على إعطائها الاهتمام اللازم. سنسعى لتعزيز ثقتكم وثقة المواطنين، فنحن حكومة متضامنة ومتنوعة، وسنعمل على تأكيد ذلك في سلوكنا. سننتهج لغة المصارحة والحوار، وعيوننا متجهة نحو تحقيق المصلحة الوطنية العليا في عملية الإصلاح وإعادة بناء الدولة.

الالتزام والبيان الوزاري

وان اقتضى التوضيح اللغوي:

حين نقول "نريد"، فهذا ليس فعل تمني أو مناشدة، بل هو فعل التزام. من هذا المنطلق، استخدمنا في البيان الوزاري عبارة "تلتزم الحكومة"، واحتفظنا بعبارة "نريد" عند الحديث عن الدولة، مثل "الدولة التي نريد"، وهي الهدف الذي سنعمل على تحقيقه.

لم يتضمن البيان الوزاري تفصيلًا للسياسات التي تنوي الحكومة اتباعها في مختلف المجالات، وهذا أمر طبيعي، لأن البيان الوزاري ليس برنامج عمل تفصيليًا، بل هو نص يعرض المبادئ التي تلتزم بها الحكومة، يحدد الأهداف ويرسم التوجهات العامة التي ترعى عملها. لكننا بلا شك سنضع تباعًا، وفي وقت قريب، الخطط التنفيذية في مختلف المجالات، ويمكنكم حينها مناقشتها معنا ومحاسبتنا عليها.

تشكيل الحكومة ودورها

لقد تشكلت هذه الحكومة وصدر مرسوم تأليفها بالاتفاق مع فخامة رئيس الجمهورية، وفقًا لما ينص عليه الدستور. لقد التزمت بالمعايير التي حددتها لنفسي ولم آخذ بالمعايير التي أراد البعض فرضها. وأؤكد مجددًا أننا لسنا في نظام مجلسي، فالحكومة ليست برلمانًا مصغرًا، فنظامنا ديمقراطي برلماني، وحان الوقت للعودة إلى الممارسة السليمة لهذا النظام، بحيث تكون هناك أكثرية داعمة للحكومة وأقلية معارضة لها. وبينما أشكر من سيمنحنا الثقة، فإننا نلتزم بالإصغاء إلى الانتقادات البنّاءة التي تصدر عن المعارضة، بعيدًا عن المهاترات أو التحريض أو إثارة الغرائز الطائفية. كما أننا على استعداد للمشاركة في جلسات المساءلة التي أشار إليها دولة الرئيس وعدد من النواب الكرام.

السيادة الوطنية

لا جدال أنه على رأس أولويات الحكومة: العمل على تحقيق الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، وفق الحدود الدولية المنصوص عليها في اتفاقية الهدنة لعام 1949. ولقد باشرنا منذ تأليف الحكومة، وقبل مثولنا أمامكم، بحملة دبلوماسية واسعة لشرح موقفنا وكسب التأييد له، وسنستمر بالعمل على حشد التأييد العربي والدولي لإلزام إسرائيل بوقف خروقاتها للسيادة اللبنانية وللقرار 1701، والانسحاب الكامل من أراضينا. وقد أكدنا في البيان الوزاري على حق لبنان في الدفاع عن نفسه، وفقًا لمنطوق ميثاق الأمم المتحدة، وبالتحديد المادة 51 التي تحفظ حق الدول، افرديًا أو مجتمعة، في الدفاع عن نفسها في حال تعرضها للاعتداء.

الإصلاحات الدستورية والسياسية

لقد ظُلمنا كثيرًا حين قال البعض إننا لم نأتِ على ذكر إصلاحات اتفاق الطائف المطلوب تطبيقها، بينما ذكرنا أن المطلوب تطبيقها جميعا، وأكدنا  في البيان الوزاري أننا نريد دولة وفية للدستور ووثيقة الوفاق الوطني التي أُقرّت في الطائف. وهذا يقتضي الشروع في تنفيذ البنود التي لم تُطبق بعد، مثل اللامركزية الإدارية الموسعة، وهي لديكم في المجلس، واستقلالية القضاء، وسنحيل مشروعها إليكم قريبًا مع ملاحظاتنا عليه، إضافة إلى مسألة الهيئة الوطنية المنصوص عليها في المادة 95، وإنشاء مجلس الشيوخ.  إن اتفاق الطائف كلٌّ لا يتجزأ، ويجب تطبيقه بالكامل.

والاهم أننا ندرك أن الإصلاح السياسي يفترض تطبيق جميع بنود وثيقة الوفاق الوطني التي تأخرت أو تعثرت، لذا لن نضيع المزيد من الوقت، وسنسير باقرار اللامركزية الإدارية الموسعة، وتشكيل الهيئة الوطنية  حسب ما ينص الدستور  و مهمة دراسة وإقتراح الآليات الكفيلة بالإلغاء التدريجي للطائفية السياسية، هكذا هو اسمها وليس "هيئة إلغاء الطائفية" كما يطلق عليها البعض. وسنتقدم نحو نظام المجلسين، وسننظر في الإصلاحات المطلوبة على قانون الانتخابات، ودور المجلس الدستوري وصلاحياته وآلية تعيين أعضائه.

إصلاح المؤسسات والإدارة العامة

ندرك جميعًا مدى ما أصاب مؤسسات الدولة من ضعف وتفكك، لذلك فإن من أولى مهام حكومتنا إصلاح هذه المؤسسات، وفي كثير من الأحيان إعادة بنائها. وسنبدأ قريبًا جدا، من دون تردد وأيا تكن الصعوبات بملء الشواغر الأساسية بأشخاص من ذوي الكفاءة والجدارة، عبر آلية شفافة ترتكز على مجلس الخدمة المدنية، وتتيح حسن التقييم والاختيار بين المرشحين، مع الالتزام بأحكام المادة 95 من الدستور فيما يخص وظائف الفئة الأولى.

بالتوازي مع التعيينات، لن نتهاون في الرقابة والمساءلة والمحاسبة. كما سنعمل على تفعيل الإدارة العامة، ومعالجة الشلل الذي أصاب بعض الإدارات، ومحاربة الهدر والرشوة، وتأهيل الموظفين وتحسين أوضاعهم التي تدهورت بسبب الأزمات، مع تحسين أوضاع العسكريين. وسنعمل على إعداد مشاريع قوانين جديدة باتت ضرورية في ضوء الاحتياجات والمقترحات المقدمة، وإصدار النصوص التطبيقية للقوانين النافذة دون تأخير. وقد اصدرت اليوم تعميما إلى كل الوزارات والادارات العامة بهذا الخصوص.

الإعمار والاقتصاد والمالية

تعلم الحكومة أن من واجبها الإسراع في إنشاء صندوق مستقل لإعادة الإعمار يُدار بشفافية ويحظى بالمصداقية محليًا ودوليًا، من أجل حشد الدعم العربي والدولي اللازم من أجل بناء ما تهدم ومعالجة آثار الحرب على لبنان لا سيما الاجتماعية منها، دون أي مقايضات أو شروط. كما سنولي أولوية لعودة النازحين عبر خطة واضحة، وحوار جاد مع السلطات السورية ومع وكالات الأمم المتحدة فور انعقاد أول اجتماع رسمي لبناني-سوري. لمراجعة الاتفاقيات لما يخدم مصلحة بلدينا.

وتعتبر الحكومة ان وضع السجون يتطلب معالجة سريعة،  بل سريعة جدآ مبنية على التمييز بين الموقوفين عند تجاوز توقيتهم مدة محددة وتحسين أوضاعهم السجون وضمان الحقوق الإنسانية للمساجين جميعا، وسوف نعمل على ضمان استمرارية مداخيل القضاة على أن توضع لاحقا آليات لتحسين أوضاعهم المادية.

 

الكهرباء والمرافق العامة

ندرك أن ملف الكهرباء في طليعة هموم المواطنين. وسنبدأ في المدى القصير بتحسين الجباية ووقف التعديات على الشبكة، مما سيساهم في زيادة ساعات التغذية وضمان التوزيع العادل بين المناطق. كما سنعمل خلال الأسابيع المقبلة على تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، لتؤدي دورها كاملا في وضع الحلول  المستدامة.

أما في قطاع النفط والغاز، فقد باشرنا اتصالاتنا مع الدول والشركات المعنية لاستئناف عمليات التنقيب. ونؤكد ضرورة الإسراع في تشغيل مطار رينيه معوض وهو بطبيعة الحال ليس بديلا من مطار رفيق الحريري الدولي بل مكملًا له، لما له من أهمية إنمائية لمحافظة عكار العزيزة ومعها  الشمال ككل.

قلنا أننا سنعمل على تطوير المرافق، صحيح أننا ذكرنا بالاسم مرفأ بيروت وطرابلس إلى أننا لن نستغني عن المرافىء الأخرى مثل صيدا وصور والحاجة والعمل على تطويرها .

البيئة والإصلاحات الاقتصادية

لم نذكر القضايا البيئية بالتفصيل في البيان الوزاري، لكننا نعلم أن مشكلة النفايات لا تحتمل حلولًا ترقيعية ومؤقتة، لذا سنعمل على معالجة جذرية ومستدامة لهذه الأزمة، وكذلك مشكلة المقالع والكسارات.

 

 

 

 وسندفع بسرعة نحو تحقيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية بدءا من الملحة منها، لذلك سوف نعمل باسرع وقت ممكن لايجاد حل لقضية المودعين انطلاقا من حماية حقوقهم ، والعدل يقتضي ان نضع حقوق اصحاب الودائع الصغيرة والمتوسطة والصناديق الائتمانية في رأس اهتمامتنا، فإننا سنعمل على وضع خطة شاملة للتعافي الاقتصادي والمالي وستكون استعادة النمو الاقتصادي وتحفيزه في مقدم اولوياتنا كما ذكرنا، فهو الذي بخلق فرص عمل للشباب وسنعمل على اخراج لبنان من اللائحة الرمادية والشروع في مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي بما يحفظ مصالحنا ويتلاءم مع اولوياتنا.

وتعرفون كلكم مقدار الحاجة لاعادة هيكلة النظام المصرفي ليكون للبنان قطاع مصرفي متعاف قادر على التسليف ويتمتع بثقة الناس ويسهم بتعزيز النمو الاقتصادي،

كذلك نحتاج الى وضع حد لمضار الاقتصاد الموازي والتخفيف من التعامل النقدي وسننظر بسرعة في الغاء السرية المصرفية، واننا نشدد على الحاجة لاعادة الملاءة المالية والخروج من التعثر واكتساب ثقة المستثمرين، والاهم اننا ندرك تماماً حجم الأخطار التي تحيط ببلدنا واحتياجاته الملحة وتطلعات الشباب من ابنائه، فكونوا على ثقة انتا سنتحمل مسؤوليتنا كاملة ولن نسمح بعد اليوم بتفويت الفرص وهدر الأمكانيات أو اضاعة الوقت.

 

قلتم لا تريدون وعودا، فنحن هنا لنعمل على أنقاذ بلدنا الحبيب فحكموا علينا بعد اليوم في ضوء افعالنا ونحن نأمل ان نفوز بثقتكم ونقوى بثقة اللبنانيين.

 




كلمة الرئيس نواف سلام اثر نيل حكومة "الإصلاح والإنقاذ" الثقة في مجلس النواب




جميع الحقوق محفوظة ©      ملاحظة قانونية  |   إتصل بنا  |  خريطة الموقع
تم انجاز هذا الموقع بالتعاون مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية